أما المستشرقون العلمانيون فقد كانوا من الإسلام فئات:

فئة من طلاب الأساطير والغرائب والأهاجي، ولم تكن حقا من العلم في شيء فانقرضت بانقراض العصور الأولى.

وفئة من المرتزقة الذين وضعوا أقلامهم في خدمة مصالح بلدانهم الاقتصادية والسياسية والاستعمارية، وقد ألمعنا إليها في تراجم أصحابها وآثارهم وألفيناها تعجز عن أن تحجب المنصفين من أمثال بلنت الذي حارب الاستعمار في الهند ومصر وإيرلندا، وصنف كتابة عن مستقبل الإسلام. وآخر بعنوان: التاريخ السرى الاحتلال إنجلترا مصر (وقد ترجمه الأستاذ عبد القادر حمزة).

وفئة ثالثة من المتغطرسة الذين أعمتهم الضلالة عن الموضوعية المتفهمة وقد "غلب على نظرهم الاعتقاد بأن الإسلام دين قليل شأنه" (?) شأن بدويل، وبريدو، وسيل من القرن الثامن عشر، وجميع مصنفات هذه الفئات لا قيمة علمية لها. ثم أضيفت إليها تواليف الملحدين الذين ينالون من الإسلام نيلهم من النصرانية لأن الأديان في عرفهم عقبة تعترض الرقي البشري.

وفئة رابعة تعرضت للإسلام دون أن تقصد الطعن عليه، وإنما درسته دراستها كتبها الدينية. فقد درج العلماء، وفيهم الرهبان، على نقد الكتاب المقدس مثل رايموروس (المتوفي 1768) أستاذ اللغات الشرقية في جامعة هامبورج الذي خلف مخطوطة في نقد حياة المسيح، في 1400 صفحة، نشر ليسنج أجزاء منه بعد سنوات. وهاجم المسيح بوير (1840) ورينان (1863) والقس لوازي، وغيرهم كثيرون، وليس أقل منهم عدد أولئك الذين تعرضوا للقديسين فقد نقد بور رسائل القديس بولس نقد عنيفة مقذعة. أما كيف كتبت أسفار العهد القديم؟ ومتى؟ وأين؟ فأسئلة صنف للرد عليها خمسون ألف مجلد. ثم أسفرت الخصومات بين الفرق المسيحية عن ألوف كتب الجدل، وقلما خلا واحد منها من النقد والطعن والتجريح.

وقد ترك أصحابها وشأنهم احتراما لحرية الفكر أو ازدراء لشأنهم، فلماذا نكرههم، وهم بشر مثلنا منهم من يصيب ومنهم من يخطئ، على الآخذ بآرائنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015