المخطوطات في الاطلاع عليها وانتساخ النادر منها أو تصويره بالميكروفيلم واعارة المكرر منها أو استبداله كما حدث بالثلاث والستين وثيقة إسلامية وعبرية التي أرسلتها سنة 1956 مكتبتا موسكو ولينجراد إلى جامعة نيويورك نظير مائي كتاب عن الاكتشافات الحديثة في الشرق.
والمتاحف الشرقية ثمرة من ثمرات جهود مئات المستشرقين الذين تفرقوا في بقاع الشرق تحت حرارة الشمس اللافحة، بين رماله ووهاده وجباله؛ فكشفوا عما خلفه أسلافنا من حضارات: سومرية، وآكدية، وبابلية، وآشورية، ومصرية، وفينيقية، وقرطاجينية وغيرها، مطمورة تحت الأرض أو ملقاة عليها، أو مدونة في آجرها وصخورها، وقد مر بها ملايين الناس، طوال مئات الأجيال، دون أن يتنبه لعظمتها متنبه حتى كشف عنها المستشرقون وهدوا البشرية إليها بحلهم حروف لغاتها المندثرة ووضعهم قواعدها ومعاجمها وتصنيفهم في فنونها وآدابها وعلومها، فبعثوها من مرقدها، في متاحف ومعاهد ومطابع ومجلات، لتبهر أبصار العالم: ففك جروتجند رموز الكتابة البابلية. وحل هنكز، ولورنسن، وأوبيرت الخط الإسفيني والمسماري في مكتبة آشور بانيبال فوضع مايستر أول معجم لكتاباتها، وبتسولد أول فهرس لألواحها في المتحف البريطاني، في خمسة مجلدات. وقرأ شمبوليون الخط الهيروغليف وصف للغته معجمة وقواعد كانا فاتحة عهد لدرس الآثار المصرية - وقد أشرف العلماء الفرنسيون على المتحف المصري، منذ إنشائه حتى عام 1953 وأنشأوا المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة (1880) وزودوه بمكتبة ومطبعة، من حروفها الهيروغليفية، وأنشأوا معاهد على غراره في معظم عواصم الشرق الأوسط - وقوم جروهمان أوراق البردى في دار الكتب المصرية في عشرة أجزاء. وكشف دينان عن الأبجدية الفينيقية في جبيل، وشيفر عن كتابات فينيقية من القرن الرابع عشر ق. م. في قصر أوغاريت. وفولاي عن ألواح تل العمارنة. وأنشأ ديلاتر متحف قرطاجنة، وبر وست متحف أنطاكية، وألف كونتينو كتاب عن الآثار الشرقية، في 28 مجلداً.
ولم يكن حظ اليمن، والبتراء، وتدمر، وبصرى، والحيرة، ومكة، من جهود