وحذت حذو الجامعة المصرية، أو سبقتها المعاهد والجامعات في الشرقين الأوسط والأقصى وشمالي افريقيا.

2 - المخطوطات الشرقية:

وقدر المستشرقون المخطوطات الشرقية، عندما أهملنا شأنها، فجمعوها، أو ساعدوا على جمعها، بهمة لا تعرف الكلل. ولأن اقتنوا بعضها بالأثمان البخسة، ومنها ما حمل إليهم حملا في عقر دورهم (?) فقد طلبوها بالأسفار الطويلة والنفقات الباهظة في مختلف الأصقاع حتى توفر لديهم من المخطوطات العربية وحدها أعلاق نفيسة تقدر بمئات الألوف، أكثرها من الأمهات والنوادر، خلا غيرها من المخطوطات الفارسية والتركية والأفعانية ولغات الهند وأفريقيا، وكلها في العلوم الإسلامية. وعدا ماله علاقة بتراثنا، خلت منه مكتباتنا، ثم أحلوها محلها من المكتبات العامة والخاصة المستقلة بها، ووقف الكثيرون منهم مجموعاتهم عليها. ولم يكتفوا بترتيبها في مكتبات الغرب التي تعد بالمئات؛ بل عاونوا على ترتيبها في مكتبات الشرقين الأوسط والأقصى وشمالي افريقيا، فتوالى على دار الكتب المصرية الأمناء منهم، وكان إتيين كومب آخر من رتب مكتبتي الإسكندرية وجامعتها. وهكذا جعلوا التراث الشرقي من أهداف المكتبات والمتاحف والمعاهد، التي كانت وما زالت مراكز الصيانة التراث الإنساني، وتثقيف المتأخرين به، وتحقيق المعاصرين فيه، ونقل روائعه إلى الأجيال التانية. وواحد من هذه الأهداف كفيل بأن يعوضهم عن جهدهم وما خصصته حكوماتهم من الأموال لها، وما وقفه الخيّرون عليها.

ولم يقفوا من تراثنا عند جمعه وصونه بل بادروا إلى فهرسته، حيثما وجدوه، فهرسة علمية دقيقة، في مجلدات عديدة مجددة منقحة، تناولت غالبيتها أسماء المؤلفين وأقدارهم، وإحصاء مؤلفاتهم بين مطبوع ومخطوط مع ذكر مكانه، وأصالة المخطوط ونسبته إلى صاحبه وتاريخ نسخه، ومزاياه ونوع الورق والحجم وعدد الصفحات والسطور، وذيلوها بذيلين أحدهما الأسماء المؤلفين والآخر لعناوين كتبهم. ونشروها منذ نيف وثلاثمائة سنة (?) ميسرين للجميع: هيئات وأفراداً، سبل الانتفاع بتلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015