فليتأمل في هذا القادة المصلحون، وليفكر فيه الزعماء المخلصون، وليتعظ بحوادث الزمن الغافلون، فمن لم يتعظ بما وقع لغيره، ويترك سبيل الغرور - غرور النفس وخداعها - فهو من الغافلين الضائعين.
ذكرت ما قاله المؤرخون - على ما فيه من طول - كي أوضح ما بين المزدكية القديمة والمزدكية الجديدة - الممثلة في دعوة الشيوعية والاشتراكية - من تشابه قوي والتحام متين في: الدعوة، والأعمال، والنتائج، وإن اختلفت ألقاب الجميع، ذلك أن المقصود واحد، والهدف ظاهر - وهو القضاء على الدين والخلق الكريم - وهذا من أهم ما تحمله الشيوعية والاشتراكية في وطابيهما للأمم التي ساقها سوء طالعها إليها، فإنها حملت إليها الإلحاد والفوضى الخلقية، مضافا إلى ذلك الرذائل والنقائص بدون استثناء، والمشاهد في الأوطان الاشتراكية أكبر دليل وأقوى حجة لما قلناه.
مادة الشيوعية والاشتراكية اللغوية:
الشيوعية أصلها من مادة - شيع - و - شاع - ومن معاني هذه المادة الذيوع وعدم القسمة أو التعيين وعدم الاختصاص بالشيء، وكذلك شقيقتها الاشتراكية، فإنها تزيل الاختصاص وتفرض الاشتراك، فـ (الشيوعية والاشتراكية) فرعان لأصل واحد قديم - كما علمناه سابقا - وهو المزدكية، وفي الاشتراكية من مادة الشرك حروفه كما قيل.
فهل ما نراه في هذا العصر نذير ينذر وينادي بأن (المزدكية) ستظهر إلى الوجود مرة أخرى بواسطة هذين المذهبين، متسترة باسميهما؟ فالدعوة لهما بشتى الوسائل، وإفساح المجال لنشرهما، وانتشارهما حجة قوية على ذلك، ولا يستطيع أحد أن ينكر هذا مهما طرز الخطاب، وشرح الأسباب، وفتح الأبواب.
رأي الاشتراكية والشيوعية في خلاص العالم من الفقر والظلم:
يقول دعاة هذين المذهبين الإلحادين: إن خلاص البشرية - في رأيهم الفاسد وتفكيرهم الباطل - مما تتخبط فيه من شقاء وتعاسة، وتفاوت في الأموال والأرزاق والمعيشة الخ إنما يكون بهما لا بسواهما من شرائع الله،