هذا الكتاب
جرى العمل في هذا العصر بأن يعرف القراء بالكتاب- الذي هو بين أيديهم- بموجز عنه في آخر صفحات غلافه، وفي هذا التعريف إشارة إلى ما جاء في الكتاب، ليكون باعثا للقارئ على الإلمام والاهتمام بشيء مما جاء فيه.
وهذا الكتاب "المزدكية هي أصل الاشتراكية" يتضح مدلول ما حواه من عنوانه، فهو يذكر أن أصل المزدكية ومذهبها صدرا عن رجل مجوسي، جاء في مذهبه بما خالف المتعارف بين الناس في الشرائع والأديان، سواء منها السماوية أو غيرها، ذلك أنه مذهب إباحي، لأباح لأتباعه كل شيء ولو خالف العقل.
ومن أجل هذا حاربه العقلاء المدركون لحقوق الناس، ولم يمل إليه إلا الظلمة والفسقة وأصحاب الشهوات البهيمية، وقد عاقه المفكرون، كما نبذه ذوو الرأي الحصيف وأنكروه.
وهذا الكتاب - ديني قبل كل اعتبار- يبحث في الاشتراكية- بوضوح وصرحة لا لبس فيهم- ويرجع بها إلى أصلها الأول. وهو المزدكية، كما يحذر المسلمين المتدينين وأهل العقول الصافية من الانخداع بالعنوان الجديد الذي أعطى لوارثة المزدكية في تركتها، وهي الاشتراكية الحديثة، هذه الجرثومة- الميكروب- التي تمكنت من أجسام بعض الشعوب، فأفقدتها حياة الصحة والراحة والهناء، بل هذه الفتنة الصماء عن كل نصيحة، التي افتتن بها بعض من ينسبون إلى الإسلام، والإسلام لا يرتظيها- أبدا- أن تكون بدلا منه وعوضا عنه.
فديننا- الإسلام- نهانا عن كل بدعة وفتنة تصرفنا عنه، والفتنة بلية ومصيبة تقضي على الدين.
وقد حذرنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من الفتن كيفما كان نوعها، فقال:
(ستكون فتنة صماء بكماء عمياء، من استشرف لها استشرفت له) يعني لا تسمع نصحا ولا تنطق بالحق ولا ترى الرشد والصواب، وقال: (إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن).
فالمزدكية المجوسية القديمة والاشتراكية اليهودية الحديثة كلاهما خطر وشر أصيبت بهما الإنسانية الفاضلة، في دينها وعقيدتها وأخلاقها، فهما شيء واحد لمسمى واحد.
فقد أصابت فتنة "الاشتراكية" الدين في الصميم، بمبادئها الإلحادية، فعطلت فرائضه، وأخلاقه، زيادة عن أحكامه وحدوده، كما نشرت في الشعوب التي طبقت فيها الكفر، والنفاق، والزندقة، والمعاصي التي لم تكن معروفة قبلها، كما نشرت الجوع والفقر، والخصاصة، والخساسة فيها، وهذا كله س علامات الخسران.
وفي هذا الكتاب مقارنة بين المزدكية والاشتراكية في الدعوة والنتيجة، وضمير الفصل في العنوان له مدلوله العربي الخاص.
فحذار ... حذار ... أيها العقلاء من هذه الجراثيم والفتن.