فانخدع بهذه الدعاوة الكاذبة المضللة بعض البسطاء الذين ليس لهم تفكير سليم يقيهم من الوقوع في مثل هذا الضلال المبين، أما من بصره الله بعواقب الأمور ونتائجها فنور قلبه بنور الإيمان، فإنه لم ينخدع بها، فسخر وضحك من دعوة إبليس وأعوانه، فرمى بها إلى مكان سحيق.

المعتبر إنما هو الأعمال لا الأقوال:

والمعتبر عند ذوي العقول السليمة هو أعمال العباد لا أقوالهم، فالأعمال واحدة في هذه النزعات الثلاث، وهو إرضاء شهوات النفس التي لم تجد لها طريقا في شرائع الله، إذ لم ترخص لها في الفواحش والمناكر وفي هذه النزعات - أيضا - العمل على القضاء - تدريجيا - على تلك الشرائع، فما ينتبه الناس إلا وقد ذهبت من الأرض، وامحت - عمليا - وما بقي منها - ظاهرا - فهو لاحق بالذي ذهب، إذن فالمهم في كل شيء إنما هو الأعمال لا الأقوال.

دموع صياد العصافير:

ذكر علماء التربية أن أحد صيادي العصافير قد اصطاد عصفورين، فكسر أجنحتهما وأدخلهما في قفص أعده لذلك، فهبت ريح حملت معها ترابا فدخل في عيني الصياد شيء منه، فأخذت عيناه تدمعان، فقال أحد العصفورين لصاحبه إن صائدنا رجل رقيق القلب رحيم ... فرد عليه رفيقه قائلا: وما الذي دلك على رقة قلبه ورحمته بنا؟ فأجابه رفيقه: انظر إلى عينيه فإنهما تذرفان الدموع وما ذلك إلا شفقة علينا ورحمة بنا مما أصابنا من كسر اجنحتنا التي بها نطير، فرد عليه رفيقه بهذا الرد الواقعي البليغ: (يا رفيقي ... لا تنظر إلى دموع عينيه ... ولكن انظر إلى عمل يديه).

فكم، وكم من مرة سمعنا بعض المسؤولين ينوهون بالدين ويشيدون بفضائله - عند الحاجة إلى سلطانه - ولكن سرعان ما تذهب تلك الكلمات مع الريح التي حملتها، ويعقب ذلك أعمال لا مصلحة للدين فيها، ولا للفضائل المنوه عنها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015