من مال كسرى، وكذلك فعل بالبنات اللائي لم يوجد لهن أب، وأما البنون الذين لم يوجد لهم أب فأضافهم إلى مماليكه، ورد المنذر إلى الحيرة وطرد الحارث عنها) (?).
فبان جليا مما ذكره المؤرخون الثقات أن هذه الشرذمة الشيطانية وعلى رأسها (زعيمها مزدك) كانت غاية ما تدعو إليه استباحة النساء والأموال، لتنال من وراء ذلك ما تشتهيه، وحتى امرأة الملك قباذ لم تسلم من شرهم لولا تدخل ابنها الطفل (أنوشروان) وتوسله إلى مزدك واحتياله عليه حتى صرفه عنها - لوقع لها مثل ما وقع لغيرها من النساء - ولهذا لما تمكن منه (أنوشروان) بعد أن صار ملكا ومصلحا عظيما انتقم منه وقتله شر قتلة، وأحرق جثته المدنسة بالخزي والعار.
وبعد أن مرت بنا أسماء عدد من فرق ونحل ألاحظ هنا أن هذه الفرق والنحل الشيطانية كان - ولا زال - المقصود منها هو صرف الناس عن شرائع الله، ودعوتهم إلى اتباع وساوس الشيطان وأعوانه، فأصحاب هذه النحل دعاة للشيطان وأعوان له على إضلال الناس عن شرائع الله - الشرائع السماوية - فهم كما قال الله - محذرا منهم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (?).
لنقف هنا دقيقة للتأمل والتفكير - لا دقيقة صمت للترحم على أرواح الشهداء - ولكن للتأمل جيدا فيما ذكره المؤرخ الملك المؤيد (أبو الفداء) وغيره ممن قصوا علينا أخبار وحوادث مزدك والمزدكية من أولها إلى آخرها، وكيف كانت نتائجها وعواقبها: ومبلغ الأثر السيئ الذي أحدثته في المجتمع الفارسي في ذلك الزمان، والذي امتد أثره إلى وقتنا هذا.
وقد أكثرت من عرض ونقل أقوال المؤرخين - بالقصد - على ما فيها