ابن قباذ بن فيروز) ثم استرسل في سرد النسب إلى أن قال: (وملك أنوشروان ثمانيا وأربعين سنة، ولما تولى الملك كان صغيرا، فلما استقل بالملك وجلس على السرير قال لخواصه: إني عاهدت الله - إن صار الملك إلي - على أمرين: أحدهما أني أعيد آل المنذر إلى الحيرة، وأطرد الحارث عنها، وأما الأمر الثاني فهو قتل المزدكية الذين أباحوا نساء الناس وأموالهم، وجعلوهم مشتركين في ذلك، بحيث لا يختص أحد بامرأة ولا بمال، حتى اختلط أجناس اللؤماء بعناصر الكرماء، وتسهيل سبيل العاهرات إلى قضاء نهمتهن، واتصلت السفلة (?) إلى النساء الكرائم التي ما كان أولئك يتجاسرون على أن يملؤوا أعينهم منهن إذا رأوهن في الطريق، فقال له مزدك - وهو قائم إلى جنب السرير -: هل تستطيع أن تقتل الناس جميعا؟ هذا فساد في الأرض، والله ولاك لتصلح لا لتفسد ...
فقال له أنوشروان: يا ابن الخبيثة أتذكر وقد سألت قباذ أن يأذن لك في المبيت عند أمي فأذن لك؟ فمضيت نحو حجرتها فلحقت بك وقبلت رجلك، وإن نتن جواربك ما زال في أنقي منذ ذلك إلى الآن، وسألتك حتى وهبتها لي ورجعت؟؟ قال: نعم ...).
أنوشروان يأمر بقتل مزدك وإحراق جثته، ثم يتبعه بقتل أصحابه.
(فأمر حينئذ أنوشروان بقتل مزدك، فقتل بين يديه، وأحرقت جيفته، ونادى بإباحة دماء المزدكية، فقتل منهم في ذلك اليوم عالم كثير، وأباح دماء المانوية أيضا، فقتل منهم خلقا كثيرا) إلى أن قال مبينا ذلك: (وقسم أموال المزدكية على الفقراء، ورد الأموال التي لها أصحاب إلى أصحابها، وكل مولود اختلف فيه ألحقه بالشبه، وإن كان ولدا للمزدكية المقتولة جعله عبدا لزوج المرأة التي حبلت به من المزدكية، وأمر بكل امرأة غلبت على نفسها أن تعطى من مال المزدكي الذي غلبها بقدر مهرها، وأمر بنساء المعروفين اللائي مات من يقوم عليهن، أو تبرأ منهن أهلهن لفرط الغيرة والأنفة أن يجعلن في وضع أفرده لهن وأجرى عليهن ما يمونهن