والخطير على حياة المتكلم فيه - لانعدام حرية الرأي والقول - في هذا الوقت - كما طرقه غيري من قبل - هو العمل على ما يعزز جانب الإسلام وعقيدته، فقد كثرت التهجمات والإهانات والدعاوي الباطلة على الإسلام، وعلى كل ما هو من الدين، وخصوم الإسلام من بين سائر الأديان - بالخصوص - يزداد هذا منهم يوما بعد يوم، والمقصود من وراء عملهم هذا ظاهر غير خاف، وهو العمل على القضاء على الإسلام - في زعمهم - وعقيدته، وإحلال الإلحاد والزندقة محله.
وقديما كانت فرق الضلالة والغواية تعمل عملا متواصلا لهذا الغرض نفسه، غير أن علماء الدين الغيورين عليه تصدوا لها وواجهوها بنقضها وإظهار تزييفها وخداعها، فأبطلوا مفعولها كما يبطل الخبراء الفنيون مفعول القنابل والمتفجرات - في هذا العصر - التي يريد واضعوها من وراء تفجيرها نسف وتخريب ما وضعت فيه، فيذهب صنعها ووضعها والأمل فيها أدراج الرياح، فيستريح الناس المقصودون بها من شرها وضررها، فتكون الخسارة على من حاولوا التخريب والدمار، فيدمرهم الله ويقضي عليهم، فلا يبقى من بعدهم إلا اسم إجرامهم، يجلب لهم السخط والغضب واللعنات.
والتاريخ يذكر أن هذه الفرق - الخاسرة - التي أريد منها أن تكون معاول هدم وآلات تخريب وفساد، تحارب الأديان والعقائد - لا غير - هذه الفرق لم تأت بمفيد لبني الإنسان، بل ما جاءتهم إلا بما يهلكهم ويجلب لهم الشقاوة الأبدية، وهذا ما يضرهم، ولا ينفعهم.
وتعجبني في هذا الموضوع كلمة - بل هي نصيحة وتحذير أولى - للإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري، جاءت في آخر الجزء الرابع من كتابه المفيد (الفصل في الملل والأهواء والنحل) جعلها كخاتمة له، قال بعد أن ذكر أقوال وأفعال بعض فرق الضلالة ما يلي:
(واعلموا - رحمكم الله - أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية، ولا رفع للإسلام بهم راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين،