في ذلك حتى يمر الوقت الطويل وتبقى المشكلة بلا حل وبلا علاج، وبذلك تبقى المعضلة معضلة، بل وتزداد خطورتها أحيانا، كل هذا راجع إلى تراخي وتهاون المسؤولين في المهمة الملقاة على كواهلهم، وشاركهم في ذلك أولياؤهم الذين ألقوا بحبل ذريتهم على غاربهم وتركوهم مهملين عندما كانوا في طور التربية.

إن الشعوب المسلمة تتألم مما تراه وتلمسه من انحراف الشباب، ذلك الانحراف الذي ستكون عواقبه سيئة كثيرا وسيتحمل المسؤولون - من حكام وآباء - عاقبة ذلك، بما لهم من السلطة والكلمة المسموعة.

إن الأمثال لا تعوز الباحث المدقق، فشبابنا فقد القائد الحكيم الذي يقوده إلى ساحل النجاة والسلامة، كي يخرجه من بحر خضم متلاطم الأمواج العاتية، فغرق فيه إذ لم يقو على السباحة وسط هذا البحر العظيم، بحر الإلحاد والزندقة، بحر انتشار الشرور والمفاسد، فهو يراها ماثلة أمام عينيه أينما سار وتوجه، فإذا حاول العلماء المصلحون العمل على إصلاح الحال لم يجدوا من أولئك المسؤولين العون على ذلك، لأن وسائل الإعلام - وهي وسائل اتصال العلماء بجماهير الأمة - لم تكن بأيديهم، ولم يمكنوا منها حتى يؤدوا ما هو واجب عليهم، وإذا ألحوا في الطلب والعمل منعوا، ومنهم من يزج به في السجن - مع المجرمين - ليكون عبرة لأمثاله، وحتى لا يعود هؤلاء إلى ما رغبوا فيه، كل هذا كما قلنا مرده إلى أن الكثير من المسؤولين في الشعوب الإسلامية تربوا في مدرسة المستعمر الحقود على الإسلام، وغذوا بلبن ثقافته وأخلاقه حتى الإلحادية منها، مع الاستهتار بالقيم الإسلامية والأخلاق العربية - فأنى يستقيم الظل والعود أعوج -؟ بل إن التلاميذ قد زادوا على ما تلقوه من أساتذتهم - من البغض للإسلام - في حقل تربيتهم، فالتقدم الذي تنشده وتطلبه الشعوب الإسلامية يجب أن يكون في حدود تقاليدها ودينها وأخلاقها - لتحافظ على ذاتيتها - تقدم تكون فيه العزة والقوة والمهابة في جميع ميادين التقدم، من علوم واختراعات وصناعات إلى كل ما يتطلبه كياننا ووجودنا، ومن الغلط والخطإ أن يظن شبابنا أن التقدم لا يسمى تقدما إلا إذا كان بترك الدين والعمل به، فهذا لا يسمى تقدما وإنما يسمى تقليدا، والتقليد اتباع الأجانب عن الإسلام عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015