الفصل الأول: مفهوم المدنية والتمدن عند جيل هذا العصر.

الفصل الأول:

مفهوم المدنية والتمدن عند جيل هذا العصر.

إن الكثير من شبابنا في هذا الجيل - وقد لحق بهم شباب الأمس وكهول اليوم وشيوخه - لم يفهم التمدن والمدنية كما يجب أن يفهمهما بحسب مدلولهما الحقيقي ومفهومهما الواقعي، ومن أجل هذا زلت بهم الأقدام، فغير الشباب اتجاهه من طريق سليم مأمون العواقب، إلى سبيل لا أمن فيها ولا نجاة من أخطارها.

فهم هذا الشباب ومن عطف عليه، أن التمدن أو التقدم لا يسمى تمدنا أو تقدما إلا بالانسلاخ عن تقاليد الزمن الماضي كلها لا فرق بين صالحها وطالحها، صحيحها وسقيمها، بل وبالبراءة - أيضا - من الأخلاق الطيبة التي ما تخلى عنها آباؤهم حتى خرجوا من دنياهم، تاركين وراءهم ذرية ظنوهم سائرين على نهجهم، محافظين على تراثهم ... وبتلك الأخلاق وسموها حفظ لهم التاريخ أطيب الذكر وعاطره.

إن الباحث المدقق، الذي يستخرج النتائج من المقدمات الصحيحة، يرى أن ما ظهر على المسلمين أخيرا من الانحراف عن نهج أسلافهم مرده إلى سوء التربية في الدرجة الأولى، وعدم العناية بالذرية وحياتهم المقبلة، والكثير من هؤلاء المنحرفين كانت تربيتهم في أحضان المستعمر عدو الدين والوطن، ولهذا لمسنا في بعض مسؤولي حكومات الشعوب الإسلامية الزهد وعدم الاكتراث بكل ما يرجع إلى اللغة العربية والدين والأخلاق الإسلامية، وهذه الثلاثة هي مقومات الشعوب وعنوان شخصيتها، فإذا ما طرحت أمامهم إحدى المشاكل التي يتألم منها المسلمون والتي تعود إلى إحدى تلك المقومات للشخصية الوطنية، وطلب منهم العمل على حلها وتصفيتها تثاقلوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015