ص 55 - 56، و "المدارك" للقاضي عياض ج 3 ص 39 - 40 بألفاظ متقاربة.
هذا هو حكم العلماء الصادقين في حق من استخف بالله، وكذلك من استخف بكلامه، وعبد الملك بن حبيب من كبار علماء المالكية، تفقه بالأندلس وسمع بها، ثم رحل فلقي أصحاب مالك، وقيل أنه أدرك مالكا في آخر حياته، روى عن عبد الملك بن الماجشون، ومطرف، وأصبغ بن الفرج وغيرهم، أما أصبغ بن خليل فهو من علماء قرطبة سمع من يحيى ابن يحيى، وأصبغ بن الفرج، وسحنون بن سيد وغيرهم. وقد رأينا كيف كان الأمير إلى جانب العلماء في الحفاظ على حق الله، فكيف الحال إذا كان الأمير هو المعتدي، (من يعلق الجرس على القط):
إذا كان رب الدار للطبل ضاربا … فلا تلم الصبيان في حالة الرقص
2 - أما قول فخامة الرئيس: (الرسول محمد كان إنسانا بسيطا الخ)، فاسمعوا وعوا - يا مسلمون - ما قاله هذا الرجل في رسولكم محمد صلى الله عليه وسلم، ذي العقل الراجح الذي لو وزنت عقول جميع الناس لكان عقله أرجحها، فقد اختاره الله لحمل الرسالة الخالدة، والله يقول: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ} الآية 124 من سورة الأنعام، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} الآية 57 من سورة الأحزاب.
فهو هنا قد احتقر الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، ووسمه بالبساطة، فهو لم يقصد البساطة في المعيشة، أو في اللباس، أو غير ذلك من المظاهر الخارجية للرسول، إنما أراد بساطة عقله الكبير، ليعلو هو عليه، لأنه اتهمه بنقل الخرافات العربية إلى القرآن، تلك الخرافات التي كان تلقاها من العرب البسطاء أمثاله، والتي كانت سائدة في ذلك الوقت، مثل عصا موسى وأصحاب الكهف.
فهو يرمي الرسول - من غير حياء - محمدا - الصادق المصدوق - بالتزوير والكذب عن الناس - نعوذ بالله من ذلك - حيث أدخل في القرآن ما ليس منه، ومتى كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسافر كثيرا عبر الصحراء، كما قال؟ فهو لا يسافر إلا من أجل نشر العقيدة الإسلامية،