علامات الزيغ كما قال الله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} سورة الصف، الآية 5، وقال: {أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} آل عمران، الآية 7، وقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} سورة الحج، الآيتان 3 - 4 لذلك فسأبين فساد ما ذهب إليه بورقيبة من تلك الأقوال الشنيعة والمنكرة في حق القرآن والرسول محمد عليه الصلاة والسلام.

1 - قال أن في القرآن تناقضا، لم يعد يقبله العقل، بين: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}. و {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.

نقول له أنه لا تناقض بين ما في الآيتين لمن تدبرهما بعقل صاف من رواسب الكفر والزندقة والنفاق، ذلك أن الآية الأولى "51 من سورة التوبة" صرحت بأن كل ما يقع في هذا العالم من خير وشر، وموت وحياة، وغير هذا هو بتقدير الله وإرادته، فالجميع تحت مشيئته وإرادته، لأن هذه الآية جاءت بعد قوله تعالي: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ}، فالله يظهر لرسوله موقف المنافقين من الدين والدعوة إليه، ومن الرسول الكريم، وبهذا فضحهم الله وكشف أمرهم ونياتهم لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، بأنهم إذا ناله الخير من فتح ونصر وغيرهما اغتموا وحزنوا لذلك الخير وساءهم ما أحرز عليه الرسول والمؤمنون، وإن ناله غير ذلك مما لا يليق فرحوا به وقالوا قد أخذنا الحيطة لأنفسنا، فلم يصبنا ما أصاب المسلمين، وذلك باحترازنا عن متابعته والسير معه، فأرشده ربه بأن يقول لهم: كل ما أصابنا من فتح ونصر على الأعداء، أو غيره مما تكرهه نفوسنا فهو من الله، مقدر علينا منه، فهو مولانا ولا مولى لنا غيره، ونحن متوكلون عليه، والقضاء والقدر هو ما يسمى بالتخطيط في نظام الحكومات الآن.

أما الآية الأخرى وهي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015