الكرسي الجالس عليه - وكان قد اغتصبه - حتى لا يزلق به فيسقط على الأرض، تلك أفكار من تعلم في غير مدارس الإسلام، وبالتأمل يظهر أن ذلك كله دعوة أو عودة للمزدكية. أما الدوافع الخفية فلا تخفى على ذوي الألباب وهي دواء الشيطان الخبيثة وما جر إليها، فهذه الدعوة لا تخلو أن تكون دعوة شيطانية، ذلك أن الإسلام أراد للمرأة الصيانة وأراد لها الشيطان أن تكون عونا له على إفساد دين المؤمنين عليهم، وفعلا فقد رأى الناس كيف لعبت المرأة بعقول ضعاف الإيمان أو منكريه، فصاروا أطوع لها من الخاتم في أصبعها تدير الرجل إلى حيث تريد.
إن فتنة المرأة للرجل معروفة غير مجهولة، ولذا حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) (?).
إن دعاة حرية المرأة - بلا حدود كما هو مشاهد - إنما قاموا بذلك لا حبا في العدل - لأن العدل ضائع عندهم - وإنما لإفساد المجتمع الإسلامي النقي الطاهر، وأعانهم على ذلك ما في أيديهم من السلطة والقوة، فدل عملهم هذا على أنهم لا يريدون الخير والصلاح للأمة، ولو أرادوه لسلكوا سبيله الواضح البين، ذلك أن دعاة الاختلاط ما حملهم على ما قالوا وما فعلوا إلا سوء القصد، وإرادة الشر بالمرأة، واللبيب تكفيه الإشارة أما غيره فيقنعه مشاهدة الواقع الذي لا ينكره إلا معاند بليد.
إن الإسلام الطاهر لا يأمر بما يجر إلى الشر والرذيلة، فقد رأينا الشرع الإسلامي يحمي المرأة حتى في أماكن العبادة خوفا من الفتنة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فصفوف المصلين في المساجد مرتبة حسب هذا المقصد الشريف، فصفوف الرجال مقدمة على صفوف النساء لا للتفضيل كما يفهم المنحرفون بل للوقاية من الفتنة مراعاة لهذا المعنى، أما على طريقة الشيطان فصفوف النساء في المقدمة، فقد تجلس المرأة وأكثر بدنها عار.
وهذا عار، وحتى في الطواف بالبيت العتيق يأمر الإسلام بعدم الزحام والاختلاط هناك، فقد روى ابن الحاج في المدخل في صلاة العيدين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء)).