فإغلاقها والافتخار به وطمس معالمها والتنقيص من قيمة أعمالها ونتائجها على هذه السورة لا يدل على بعد النظر، سواء للماضي أو للحاضر، إذ معظم قادة تونس وزعمائها الصادقين كانوا يمتون إلى الزيتونة بسبب أو أسباب، والتوفيق من الله وحده وهو الواحد القهار.
5 - أما دعواه - وغيره في هذه الدعوى كثيرون - التي ادعاها فيما يخص تحرير المرأة المسلمة من القيود التي فرضتها عليها الشريعة الإسلامية في قوله: (إنكم تعلمون كيف كانت معتبرة من قبل في عهد الانحطاط، كما أن وضعيتها التي تجعل منها كائنا منحطا كانت تعززها الاعتبارات الدينية ...) أي الاعتبارات الدينية التي عززت أسباب انحطاط المرأة المسلمة؟؟ هل منعها من غشيان الاجتماعات العامة أين لا يوجد فيها إلا الشيطان وأعوانه وأين يوجد الخمر والفجور الخ ... وذلك صونا لحرمتها وكرامتها وعرضها وشرفها؟؟؟ أم ماذا تريد؟؟ إن ما تدعو إليه الآن دعا إليه (مزدك) المجوسي منذ خمسة عشر قرنا قبلك، حقا إنه بعث وتجديد للفرقة المزدكية الغابرة.
ثم هذه دعوى ادعاها هذا الرجل، والواقع لا يقره على دعواه، ويقول له: إن الأمر عكس ما ذهبت إليه، فقد كانت المرأة المسلمة في الماضي حرة، سيدة في بيتها، عزيزة، مكرمة، مصونة في محيطها الإسلامي، فدعوتها أنت للسفور والخروج من محيطها العزيز، ورميت بها وسط مجتمع لا أخلاق له، فانغمست في حماة الرذائل - وذلك ما يرغب فيه الشيطان وأعوانه - فانقلبت أمة كالإماء اللائي كن في العهد البائد مبتذلة ابتذال الإماء المملوكات للشهوات، فهل بهذا تفخر؟ وهل يعد هذا عند العقلاء تحريرا أو تغريرا واستعبادا؟؟ الجواب يعرفه من كان له عقل راجح وضمير حي ولا يسير مع الأهواء والشهوات النفسية (ما لجرح بميت إيلام) لم تمته الشهوات - وما أكثرها - في وقت الشهوات، هذا ما نراه الآن، فقد صارت المرأة - آلة - حرب تحارب بواسطتها الشريعة الإسلامية، فكل من أراد أن يتهجم على الشريعة الإسلامية رفع المرأة في يده مثل آلة الحرب واقتحم الميدان صارخا: هذا المظلوم، انصروه، ردوا إليه حقوقه، فقد ظلمته الشريعة الإسلامية انظروا إليه نظرة عطف، ارحموه، تعالوا إلى نصرته وإلى تحريره من قيود العبودية الخ ... والواقع أن ذلك الحماس كله للمرأة له دوافع منهال الخفي ومنها الظاهر، منها أن تمسك بالداعي