المؤدي إلى جامع الزيتونة بعد باب البحر مباشرة، وهو واقف على قاعدته وبيده كتاب الإنجيل، وقد عد الوطنيون هذا العمل عملا موجها ضد الإسلام وبالقرب من أحد معاقله الكبيرة، فدعوا إلى المظاهرة، وطاف دعاتها على مدارس سكنى الطلبة الكثيرة طالبين منهم المشاركة فيها، فلبى طلبة الزيتونة الدعوة مسرعين، وفيهم الكثيرون من دعاتها، وقد نالهم من عصي البوليس الفرنسي وسجنه الشيء الكثير، ولم يكن من بين المتظاهرين طلبة المدرسة الصادقية، ولا العلوية، ولا ترشيح المعلمين، وهي المدارس ذات التعليم المزدوج اللغتين، كل ذلك راجع إلى الروح التي يتحلى بها الطالب الزيتوني، وكنت - وأنا جزائري - ممن شارك في بعضها، وأنا أعجب كيف ينسى هذا ولا يعده من نفحات أو نفخات الزيتونة المباركة؟؟

ومنها مظاهرة وقعت في إحدى الليالي - من أجل وضع الكاردينال لافيجري على قاعدته - ابتدأت سيرها من قرب جامع الزيتونة، وبالأحرى من مدارجه وما حولها، وفي المقدمة الطلبة الزيتونيون، وكان من قادتها صديقي المرحوم الشيخ العربي القروي وغيره، وذلك سنة 1926 والمسيرة تنشد:

تونسي وحسبي أنني تونسي … حزبها الحر حزبي حزبها الوطني

للشاعر المرحوم محمد الشاذلي خزندار فيما أظن، بأصوات عالية، وذهبت إلى القصبة - مقر الحكومة التونسية - مارة بمحافظة الشرطة، ثم فرقها البوليس الفرنسي بعد أن أسمعت صوتها لمن يهمه ذلك.

والمعروف لدى الأوساط التونسية ذات الخبرة السياسية: أن حكام فرنسا في تونس قالوا: (كنا نظن أن جامع الزيتونة يعلم كيفية الاستنجاء والوضوء والصلاة لا غير، فإذا بالأمر على خلاف ذلك، فالعلة كلها خرجت لنا من جامع الزيتونة) هذا ما قاله المقيم العام وغيره.

هذه هي الجامعة الزيتونية كما عرفتها من سنة (1341 هـ - 1922 م) وهذه هي آثارها في الميادين كلها سواء منها العلمي، أو الوطني، أو السياسي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015