الخ ... وقد مات من الشعب التونسي شباب لتحرر بلادهم لا ليترأس بورقيبة وينكر فضلهم، ولا يعرف لأحد سواه بالنضال والتضحية.
والذي يعرفه المتتبعون لحركات الشعوب التحريرية أن تونس لم تنل استقلالها الكامل إلا بعد أن قامت الثورة التحريرية في الجزائر واشتد ساعدها، أما قبل ذلك فقد رضيت تونس - بزعامة بورقيبة - بشبه الاستقلال الداخلي، وكلنا يعرف مدى أهمية المعاهدة التي عقدت بين فرنسا وتونس في جوان - يونيو - سنة 1955، تلك المعاهدة التي وقعت من طرف الطاهر ابن عمار عن تونس ومعه المنجي سليم، وعن فرنسا ادقار فور وبيير جولي.
وكان الطاهر بن عمار يتردد على بورقيبة في السجن ويأخذ رأيه في كل شيء ولا يوافق على بند من بنودها إلا بعد أن يوافق عليه بورقيبة أولا، فوقعت بأمر ورضى بورقيبة تلك المعاهدة التي قيدت تونس بقيود لم تكن موجودة في معاهدة الحماية التي عقدت سنة 1881 مما أثار سخط الشعب التونسي، وخاصة الحرار منه الذين قالوا لا نرضى إلا بالاستقلال التام، وخاصة بعد أن قامت الجزائر تحارب إلى جنب تونس، ولا ننسى المعارضة التي كانت ضد بورقيبة وكيف قضى على المعارضين ليخلو له الجو وحده.
والتاريخ لا يحابي، فإنه لولا حرب التحرير الجزائرية لما نالت تونس استقلالها، وهذا ينكره بورقيبة، ويعترف به الرجل الحر العظيم في كرامته وهمته المرحوم المنعم ملك المغرب محمد الخامس، فقد صرح غير ما مرة بأن استقلال المغرب لا يعد شيئا ولا يتم إلا إذا استقلت الجزائر، لأنه يعرف أن فرنسا سترجع عما أعطته للمغرب إذا قضت على حرب التحرير الجزائرية.
فالجميع يعرف أن فرنسا لم تستعمر مستعمراتها في إفريقيا إلا بعد أن استولت على الجزائر ووطدت أقدامها فيها، فهي قد أخذت كل الأقطار الإفريقية لما أخذت الجزائر، وخرجت منها بسبب حرب الجزائر لأن الجزائر لا تعرف ولا تعترف بسياسة المراحل، و (صل على من علمك)، وقد أطلت في سرد هذه الحقائق التاريخية لأنبه على أن هذا الرجل مفتون بحب شخصه، ويريد أن يكون قدوة في سياسته ومواقفه حتى في الأمور الدينية، قد واتاه الحظ في حرب الجزائر، فالواجب عليه ألا يغفل عن هذا.
4 - وأما فخره بإغلاق الجامعة الزيتونية - الجامعة الدينية العظيمة ذات