في نفوس الرعية - وهو العبد المخلوق، أما الخالق الواحد الذي تجب طاعته واحترامه على كل العباد، ودينه، وقرآنه المحكم فلا حرج ولا عقاب على من تطاول إلى مقامه العالي في نظر ضعاف الإيمان والعقول العصفورية، وهذا هو الضلال البشري.
إن شعور المسؤول - الموظف - بالتبعات والمسؤوليات يجعله لا يفرط في أدنى جزء من الواجب الملقى عليه، فعليه أن يعمل حسب منصبه ومركزه، فإذا لم يلق التأييد من السلطة العليا على إحقاق الحق وإبطال الباطل، فواجب كرامة النفس يحتم عليه الانسحاب من كرسي لا تسمع كلمة الجالس عليه، فإنه أفضل وأليق بالكرامة الشخصية من البقاء على كرسي حقير لا قيمة للجالس عليه.
فلنفكر معاشر المؤمنين في هذا الإعتداء على كرامة وقدسية القرآن وعلى شعور المسلمين، والشعور الذي استعملته كثيرا هنا المراد به الشعور بمعنى الإحساس، لا الشعور - الجمع - المتدلية على أكناف فتياننا البواسل المتشبهين بالفتيات، فإنه لا يليق بنا - كمسلمين - أن نمر بهذه الحوادث مر الكرام أو مر اللئام، فإن لها ما بعدها من الآثار السيئة، كما كان يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحادثة تقع: (هذا يوم له ما بعده) كذلك نقولهما نحن هنا.
لو فرضا - جدلا - أن هذه الإهانة التي لحقت كتابنا المقدس كتاب الله - القرآن - المعظم عند المسلمين أصابت كتاب العهد القديم - التوراة - أو أصابت كتاب العهد الجديد - الإنجيل - المعظمين عند اليهود والنصارى، لو حدث ذلك لعمل أهلهما ما يوجبه عليهم احترامهم لكتابيهم، ولهب رجال الدين منهم يطالبون بإنزال أشد العقوبات وأقصاها على المعتدين الآثمين، إذ من المعروف لدى الجميع أن المسيحي يشتري كتابه (الإنجيل) ويحله في المكان اللائق به من الاحترام والتقدير، ومثله اليهودي مع كتابه (التوراة) يحب كتابه ويعتز به، فهل المسلمون أقل احتراما لكتابهم - السالم من التحريف - من الطائفتين المذكورتين؟؟؟ ما سمعنا أن ملحدا مستخفا بدينه - سواء أكان من اليهود أو النصارى أو من المجوس - مزق أو أحرق كتاب قومه وأهانه أمام الناس، ولو كان هو لا يؤمن به، كما أهين قرآننا ومصحفنا!!!