لقد حورب الإسلام - في الجزائر - بشتى الأسلحة، فمن الأسلحة النارية القاتلة للذوات البشرية إلى الأسلحة العقائدية القاتلة للإيمان بالله والشعور الروحي، إلى الرذائل القاتلة للكرامة والعزة النفسية، إلى التبشير المسيحي المحارب للإسلام.
كل هذه الأصناف من الحروب ذقنا ويلاتها من المستعمر الفرنسي الذي احتل بلادنا، وغزاها بكل ما يملك من أسلحة ومعدات، فقد جلب معه المبشرين المسيحيين لينصّروا - بتشديد الصاد لا بتخفيفها - المسلمين، بأن يخرجوهم من دينهم الإسلام إلى النصرانية المسيحية، ومكنهم من كل وسيلة لذلك، غير أنهم خابوا في مسعاهم بالرغم من المجهودات المبذولة، والأموال المصروفة، لصرف المسلمين عن دينهم، فلم ينالوا شيئا يذكر، إلا في بعض الجهات الفقيرة، والتي يكثر فيها الفقر وينتشر فيها المرض ويقل العلاج، فإذا قيست الخسارة والأتعاب بالفائدة كانت النتيجة صفرا، وذلك راجع إلى صلابة عقيدة المسلم الجزائري، ولولا هذه الصلابة في العقيدة لما بقي في الجزائر إسلام ولا عروبة، ولو ما نزل بالجزائر نزل بغيرها لامحى منها كل أثر للعقيدة الإسلامية - وهذا من فضل الله علينا - فالمسلم الجزائري عرف أن المبشر المسيحي الفرنسي ما هو إلا جندي من جنود الاستعمار الفرنسي، فأخذ حذره منه واتقاه.
ولما استيقظ الشعب الجزائري من نومه حارب عدوه المحتل لبلاده، المغتصب لأرضه، فأخرجه من وطنه بعد احتلال استمر قرنا وأكثر من ربع قرن، قال: الآن استرحت، أو (الآن يمد رجله أبو حنيفة) كما جاء في المثل، الآن أستريح في وطني من الاحتلال الأجنبي، بعد أتعاب وأتعاب، وسأحيى بتراثي الروحي وديني الإسلام الذي اختاره لي خالقي، فما راعه إلا والإلحاد الشيوعي يتسرب إليه - كالمرض - ويتغلغل في أوساطه وخاصة في الشباب وبعض الطلبة الأغرار - بدعايته المناهضة للدين - والعقيدة الإسلامية، وكان تسربه ذلك - بتساهل بعض المسؤولين - إحدى المشاكل التي لا زال يعاني منها الشعب الجزائري أنواعا من الأتعاب، فالمحتم على قادة الأمة المخلصين الناصحين أن يتنبهو إلى هذا الخطر الجديد، أو الاستعمار