ولكلامهم مفاصل ومواقع، وهكذا فقد ساقه الغرور إلى أن يرمي الإسلام والقائمين عليه بما لا يتفق والواقع فقال فيما قال: (نندد بالأفكار البالية، طائفة باسم الدين، هذاك الدين البالي - حسب تعبيره - تخلينا - يقصد تتركنا - في حالة ركود) هكذا قال، فقد تجرأ على أن رمى الإسلام بالبلى، فقد ظن أن الإسلام كالثوب البالي القديم الممزق، وتجاهل أنه ما أحله ذلك المحل إلا الإسلام، وهو الدين القوي الصحيح لا البالي الخلق، فلا ينكر أحد دور الإسلام الفعال وعقيدته الحية في تحرير الجزائر من الاستعمار، فإن هذه الكلمات التي كانت مستعملة إبان الثورة المسلحة - ولا زالت - كلمات إسلامية وهي، الجهاد، والمجاهدون، والشهيد، والشهداء، وفي سبيل الله الخ، وبعد أن قال ما قال في الإسلام أخذ يرمي العلماء بما لا يليق، ويتهكم بهم، في نفس الوقت، فقال في نفس المناسبة: (أهل الرزز - يقصد أصحاب العمائم - الذين أشبعوا بطونهم، هذوك - يريد أولئك - الناس الذين يتغنون بالدين ماشفناهمش - يعني ما رأيناهم - في أيام "لاكوست") - حاكم الجزائر وقت الحرب التحريرية - بهذا صرح رئيس الدولة الجزائرية الأولى، وهو مسؤول عن كل ما قال في جمع حاشد أكثره - بل أكثرهن - من النساء كما هي العادة في كل اجتماعاته.
فأصحاب العمائم - الذين قصدهم بالكلام - قاموا بواجبهم نحو الثورة والوطن، ففيهم من انضم إلى ثورة التحرير في وقتها، فكان في صفوفها، أو داعيا لها في الخلف أو في المساجد، وغير ذلك من أوجه النشاط، ففيهم الشهداء، والمعذبون، والسجناء والمعتقلون الخ، ولم يمنوا على أمتهم بما نالهم من المستعمر وجنده كما من عليها غيرهم، فكيف يتجاهل اليوم متجاهل أو جاهل ما قدمه العلماء - وهم الذين هيأوا الشعب لذلك بالعلم - لتحرير الجزائر من ضحايا في شتى الميادين، وكان فيهم الهالكون والناجون كباقي أفراد أمتهم، ولكن أنى له أن يعرفهم أو يعرف أعمالهم وهو في وقت الثورة المسلحة كان يعيش خارج الجزائر ... ؟؟؟
وفي أصحاب الرزز - العمائم - من كان ضد ثورة التحرير، وفي صفوف الجيش الفرنسي، عملوا كثيرا على تحطيم الثورة المسلحة - وكنا نظن أن الثورة ستعاقبهم بالشنق بعد الاستقلال - غير أننا رأيناهم جالسين إلى جنبه في الحفلات الرسمية - ولا زالوا إلى الآن - وهم يتبوؤون أعلى المناصب، وكان من هذا النوع