ففي هذا الحديث تنبيه للغافلين، وتقريع للمتغافلين، الذين يرفعون أيديهم بالدعاء وهم على ما هم عليه.
2 - المظهر الثاني من مظاهر الإسلام: القضاء الشرعي - وما أدراك ما القضاء الشرعي؟ - تعمل الكثير من حكومات الشعوب الإسلامية - الاشتراكية - على إلغاء القضاء الشرعي وتعويضه بالقضاء المدني.
والقضاء الشرعي مظهر من مظاهر سلطة الإسلام التي تنشر الأمن والرحمة والعدل بين العباد، فيكون المسلمون على صلة بربهم، فأحكامه مستمدة من نصوص الآيات القرآنية أو من أحاديث ثابتة عن صاحب الشريعة فيكون الحكم معتمدا على نص في كتاب الله، أو في سنة رسول الله، بخلاف القضاء المدني، فإن أحكامه تدعم بفصل كذا من قانون كذا المؤرخ بكذا، ومصدرا: باسم الشعب الفلاني حكمت محكمة كذا - لا باسم الله - على فلان بكذا الخ ...
وللقضاء الشرعي في الإسلام مرتبة رفيعة عالية تلي مرتبة الخلافة، أو الإمارة، وله من الحرمة والاعتبار ما جعل أمراء المسلمين والخلفاء يختارون له من اجتمعت فيهم الصفات العالية: كالعلم الواسع، والفهم الصائب، - والورع الحقيقي لا المزيف الكاذب الخادع، والشجاعة في الحق، وألا تأخذ القاضي في سبيل العدل لومة لائم، والمساواة بين الخصمين أو الخصوم في كل شيء، حتى في النظر والاستماع إلى آخر ما في ذلك من السمو والرفعة، وكانت محاكم الشرع الإسلامي - فيما مضى من الزمن - عندنا في الكثير من مدن الجزائر متصلة البنيان بالمساجد، بل هي جزء منها، فإذا حضر وقت الصلاة خرج القاضي من المحكمة إلى المسجد لأداء فرض الصلاة، وكان الأمراء المسلمون يحترمون القضاة الشرعيين ويهابونهم، ويتركونهم أحرارا في أحكامهم، بعد أن يفوضوا لهم الحكم في النوازل حسب النصوص الشرعية، وقد يكون ابن الخليفة، أو أخوه - مثلا - أو هو نفسه متهما - وفي تاريخ الأمراء والقضاة الكثير من هذا - فيأتي إلى المحكمة، ويقف أمام القاضي مع خصمه.
ولا يخفى علينا موقف القاضي العادل - سلطان العلماء - عز الدين ابن عبد السلام المتوفى عام 660 هـ رحمه الله، من الأمراء المماليك في مصر عندما أراد بيعهم في السوق وقال لهم: إنكم مملوكون للأمة، ولستم