وحيث كانت قصته متصلة بابي ذر وكلمته تلك التي استغلت للدعاية يجمل بنا أن نوردها هنا - للاعتبار - منقولة عن المؤرخ القديم القدير الثقة ابن جرير الطبري والمذكورة في كتابه المشهور (تاريخ الرسل والملوك) قال:

(وقام أبو ذر بالشام وجعل يقول: يا معشر الأغنياء، واسوا الفقراء، بشر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاو من نار، تكوى بها جباههم، وجنوبهم، وظهورهم، فما زال يرددها حتى ولع الفقراء بمثل ذلك، وأوجبوه على الأغنياء، وحتى شكا الأغنياء ما يلقونه من الناس) (?) ثم بعث معاوية بأبي ذر إلى عثمان بن عفان بالمدينة حتى لا يفسد عليه أهل الشام، ولما دخل على عثمان قال له: (يا أبا ذر ما لأهل الشام يشكون ذربك (?)؟ فأخبره بأنه لا ينبغي أن يقال: مال الله، ولا ينبغي للأغنياء أن يقتنوا مالا) (?).

ويوضح لنا الطبري كيف كان اتصال عبد الله بن سبأ اليهودي بأبي ذر الغفاري الذي وجد فيه ضالته، وكيف لم يجدها في الصحابيين: أبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، فيقول الطبري: (عن يزيد الفقسعي قال: لما ورد ابن السوداء الشام لقي أبا ذر فقال: يا أبا ذر ألا تعجب إلى معاوية!!! يقول: المال مال الله؟ ألا إن كل شيء لله، كأنه يريد أن يحتجنه دون المسلمين، ويمحو اسم المسلمين، هذا كلام اليهودي لأبي ذر، وهو يرمي إلى إشعال نار الفتنة بين المسلمين، فذهب أبو ذر إلى معاوية بعد أن سمع كلام اليهودي فقال له: ما يدعوك إلى أن تسمي مال المسلمين مال الله؟ قال - يقصد معاوية -: يرحمك الله يا أبا ذر، ألسنا عباد الله؟ والمال ماله، والخلق خلقه، والأمر أمره؟ قال: فلا تقله، قال: فإني لا أقول إنه ليس لله، ولكن سأقول مال المسلمين.

قال: وأتى ابن السوداء أبا الدرداء فقال له: من أنت؟ أظنك والله يهوديا. فأتى عبادة بن الصامت فتعلق به فأتى به معاوية فقال: (هذا والله الذي بعث عليك أبا ذر) (?). فظهر مما تقدم أن هذا اليهودي المنافق لعب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015