ديون على (فرنسا) فاتفقا معها - سرا - على خيانة الجزائر، وهما أحد أسباب احتلال (فرنسا) للجزائر عام 1830 م.
ومن أمثلة انخداع المسلمين بالمظاهر قصة ذلك الجاسوس الفرنسي "ليون روش" الذي أوفدته حكومته (فرنسا) ليكون عينا لها وجاسوسا على "الأمير عبد القادر" رحمه الله وعفا عنه عندما كان يخوض حرب الدفاع عن الجزائر إبان غزو فرنسا لها، عندما وطئت أقدام جندها تراب الجزائر سنة 1830 م - والوقت وقت حذر - فتقدم هذا الجاسوس - ليون روش - الفرنسي إلى الأمير مظهرا إسلامه، وأنه من المسلمين، وأن حكومته - فرنسا - اضطهدته من أجل إسلامه، والمثل العربي القديم يقول - لأَمْرٍ مَّا جَدَعَ قَصِيرٌ أَنْفَهُ - فخصه الأمير بالعطف عليه، وجعله ضمن خاصته وحاشيته، وأخذ يتقرب إليه شيئا فشيئا مظهرا إخلاصه له حتى جعله كاتبه الخاص، فاطلع على كل شيء في محيط الأمير عبد القادر رحمه الله وعفا عنه، فقام بالمهمة التي جاء من أجلها وأسلم لها - ظاهرا - ولما غلب الأمير على أمره في النهاية واستسلم - بعد قتال مرير - لفرنسا كما هو معروف، رجع هذا المسلم الكاذب إلى دينه الأول كما كان، وترك دينه الثاني - الإسلام - لأنه لم يسلم حبا في الإسلام وإيمانا به، بل هو كما قيل: (صلى وصام لأمر كان يقضيه) وقد كتب كتابا ضمنه عمله هذا الذي قام به، والدور الذي لعبه في ذلك، وسمى كتابه هذا (ثلاثون عاما في الإسلام)، وقد طبع الكتاب بالفرنسية وبيع وإن كانت نسخه الآن قليلة، وسنأتي فيما بعد - إن شاء الله - بشيء مما كتبه عن مهمته، وعن الأمير عبد القادر، وعن الإسلام والمسلمين، وما فهمه من الإسلام، وثنائه على ما فيه من حلول للمشاكل الحاضرة لو وجد في المسلمين من يعمل به، وقد عرفت حكومته - فرنسا - منزلته، فأمست عليه نهجا في الجزائر تخليدا لاسمه واعترافا بخدماته لدولته، في سبيل احتلالها للجزائر، حتى لا ينساه أبناؤها.
ذكرت هذه القصة لأن الكثير منا لم يطلع عليها، ولنقارن بينهما وبين الوقائع الكثيرة من مثيلاتها، إذ لعل ما وقع لأبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - من هذا النوع، جاءه من يهودي أسلم، يلقب بابن السوداء - واسمه:
عبد الله بن سبأ، كما يأتي بيانه قريبا - بحول الله - وكان ابن السوداء هذا منافقا، ذلك أن هذا اليهودي - المسلم ظاهرا - قد اندس في صفوف المسلمين يفتنهم عن دينهم، ويفسد عليهم ذات بينهم، وقصته مشهورة أيام كان في الشام.