...
الباب الثاني: مدرسة النتجديد المحافظ
الفصل الأول: الخصائص الفنية لمدرسة التجديد المحافظ
أصول المحافظين على عمود الشعر العربي:
عمود الشعر العربي له قواعد وأصول اصطلح عليها النقدالعربي القديم، إذا ما توفرت في قصيدة أطلق عليها النقاد أنها عمودية، وإذا التزم الشاعر المحدث بهذه القواعد والأصول أطلق عليها النقاد شاعرًا محافظًا؛ لأنه حافظ على عمود الشعر العربي في شعره، ولهذا كان لا بد أن نعرف هذه الأصول في عرف النقد القديم:
فالأصول في عمود الشعر هي تلك التقاليد الفنية الموروثة في استخدام اللفظ والمعنى والخيال والصور والوزن والقافية، ومنهج القصيدة عند الشعراء الجاهليين والإسلاميين في القصيدة العربية، حتى صارت هذه التقاليد الفنية الموروثة عرفًا متبعًا، ومنهجًا متوارثًَا لا يحيد عنه الشاعر، وأصبح عمود الشعر مصطلحًا نقديًّا مشهورًا ومتداولًا، وخاصة عند النقاد العرب في القرن الرابع الهجري، فقد نضج على أيديهم.
يقول الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي مقررًا عمود الشعر: "هو كل التقاليد الفنية التي التزمها القصاد في قصائدهم من الأفكار والمعاني والأخيلة والأوزان والقوافي والألفاظ والأساليب والصور وغيرها، فهذه التقاليد جميعها هي عمود الشعر"1.
وأصول التقاليد الفنية تقوم على خصائص فنية لكلٍّ من اللفظ، والمعنى، والصور، والأسلوب، والوزن والقافية، والمنهج في القصيدة.
أما اللفظ فيقتضي الجزالة والاستقامة والمشاكلة للمعنى وشدة اقتضائه للقافية، ومعنى جزالة اللفظ ألَّا يكون غريبًا ولا سوقيًّا مبتذلًا2، ومعنى استقامة اللفظ هو تناسق حروفه في جرس متساوق، وإيقاع رتيب، فيسلم حينئذ من تنافر الحروف، ومعاناة الثقل في اللسان وعلى السمع، واستقامته أيضًا تكون بدلالة اللفظ على أصله ومعناه في اللغة3.
ومعنى مشاكلة اللفظ لمعناه، حيث لا يزيد على معناه أو ينقص عنه، وشدة اقتضائه للقافية هي أن تقع الكلمة في موطنها من القافية والوزن، فلا يقبل غيرها؛ لأنها هي الموعود المنتظر4.