الخيال والصور الأدبية:
وتضطره اللهجة الجنوبية في الأسلوب من حين لآخر أن يعبِّر بما يدور على اللسان العربي الفصيح فيها من إبدال الظاء ضادًا على عاداتهم منذ القدم، فيقولون: "تلمضت"، واللهجة القرشية تنطقها "تلمظت" بالظاء، والمعنى واحد، وتردد ذلك في شعر الهيكل فيقول:
ولولا وفائي ما تلمضت صابرًا1
ويقول في موطن آخر:
وتلمضت على نار وقد جاءت رسالة2
ومن روائع صور الخيال القوية الحية ما جاء في مقطوعته "بوح" يقول:
أبها.. ويبسم كل محروب ... أبها.. ويفرح كل منكوب
أبها.. وكل الكون أبعدني ... وجذبتني فرأيت تقريبي
وحضنتني وأنا الشريد فلم ... أحزن لمأساتي وتعذيبي
إني انتهيت إلى حنانك يا ... شجني وسعدي وتأويبي
من أين ... لا أدري سوى سبب ... لا زال يجذبني ويغري بي3
وكذلك نجد الخيال الخصب، والتصوير البديع الرائع في صور كثيرة، مثل ما جاء في قصيدة "سوق":
يا شادنا وسرار القلب مرتعه ... والحس إما غفت عيناه مضجعه
وفي الحشاء منه نار بات يوقدها ... هجرانه وصدود ظل يصنعه
آهات صب وأنات يرددها ... ونحو عمق الشكاة الحزن يدفعه
تعنو إليه بتاريخ الجوى سحرًا ... وتحتويه مع الآصال أدمعه
متيم ليس يدري كيف حل به ... خطب الغرام فأضحى الهم يتبعه
وليسيسامر الليل والأفلاك مكتئبًا ... أم أن ترديده آه الحزن ينفعه
يدري أذرف الدمع يسعفه ... لعلها من عذاب السهد تنزعه4