هذه هي خصائص الشعر الوجداني، يتمدد الشاعر في داخله، يبث أحزانه وآلامه، ويشكو حرمانه، ويبكي شبابه، وينعي حبه الذاهب، وأمله الخائب في تصوير أدبي يتفطر ألمًا ودمعًا.

ومن خصائص شعر الوجدان عند بهكلي أن القصيدة عنده قامت على غرض واحد من مطلعها حتى نهاية القصيدة، بلا تعدد أو خروج عن موضوعها، ومن هنا تحقق فيها الوحدة الموضوعية والوحدة الفنية.

ومن خصائص هذا الغرض التحرر في التجديد، فتحرر الشاعر من عمودية الموسيقى، فتعددت القوافي فيها، وقامت على نظام المقطعات، لكل مقطعة قافية تختلف عن الأخرى مع اتحاد الوزن والبحر العروضي، وفي هذا ثورة على العمود الشعري، فلا يلتزم الشاعر بما التزم به الشعراء القدامى، ومن سار على نهجهم من المحدثين "الكلاسيسكيين"، وما التزم به الشاعر هو الوزن، والتغني بذاته، فمنافذ الإدراك عنده أدارها الشاعر عن الخارج لتفتش في ذاته وداخل نفسه، غير خاضعة لمقاييس خارجة عن ذات الشاعر.

وعندما تأتي القصيدة عنده متحدة الوزن والقافية، لا يكون ذلك التزامًا لمنهج القدماء في القالب الموسيقي عندهم، ولكن ذلك دليل وكشف عن حريته المطلقة من الحركة من شكل إلى آخر بإرادته، وتجاوبًا مع رغبات ذاته التي لا تلتزم بالرتابة قهرًا لاتباع السابقين. لذلك نجد بهكلي يقول القصيدة ذات الغرض الواحد على بحر واحد وقافية موحدة أيضًا،

كما في قصيدته "رسالة" ومطلعها1:

أحبك لا لشيء غير أني ... أحبك للتلهف والتمني

وقد صيرت رسمك في خيالي ... إسارًا مالكًا فكري وظني

فأنت عروس شعري حين أشدو ... وأنت بديع لحني إذا أغنى

أحبك دون أن أدي لماذا؟ ... وأحمل فيك بعدك والتجني

كأني لم أكن إلا لأضني ... بحبك طول ذا الزمن المسنِّ

ولست أرى بأن هناك شيئا ... يشكك فيه من إنس وجن

وهبتك من وادي ما أراه ... كفيلًا لي بأن يدنيك مني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015