كم رأينا الليل فجرًا ... وأمانينا قريبه
فإذا بالفجر ليل ... إن ذي الدنيا عجيبه
كم مشينا لا نبالي ... أي حزن أو مصيبه
فإذا بالحزن بحر ... ضعت في "لج" رهيبه
رأيت الدرب ماء ... وأراني في صراع
كلما غيرت دربي ... واجهت نفسي متاهه
أجمل الأحلام في ... قلبي وفي فكري انتباهه
وإذا بالدهر يهدي ... وجهتي نحو الضياع1
يغوص الشاعر في أعماق الضياع، وهو يخبط في متاهات الحياة، فإذا خواطره الإنسانية في دموع يذرفها على إنسانيته المهدورة، لكنه من خلال الشعر الوجداني المحموم تتجسَّد روح الإسلام العادلة التي ترد كيد الظالمين للضعفاء والمظلومين، فيرفع يديه إلى السماء في سكون الليل البهيم، فيتردَّد الدعاء في جنبات السماء، فترتد صاعقة توقظ الحائرين والمعتدين، وكيف يدعو الإنسان على أخيه الإنسان بالزوال والموت، فصفة القربى الإنسانية ميثاق وأواصر بين البشرية جمعاء، لا تفرق بين إنسان وآخر، فلماذا العنصرية؟! وإنها العنجهية! وإنها الصراع والتحطيم والموت والضياع، فلماذا لا تزرع المحبة؟ فيعي الإنسان دربه.. يصور هذه المعاني وأكثر في مشاعر متدفقة وعاطفة مشبوبة وتجربة شعرية صادقة، كابدها الشاعر عن كثب، ووجدان ملتهب تؤججه القيم الإنسانية المهدورة في عصر الماديات المسرفة، والتيه والقلق والضياع في قصيدته "خواطر إنسان تائه":
أيها الإنسان لا تطغ عليّا
إن ظلمي قوة ملك يديّا
دعوة في الليل لا تبقيك حيّا
لا تلمني إن دعوت
فتزول وتموت
عصرنا يسعى ولكن للخطر
يا أخي إياك أن توري الشرر
يا أخي إياك تفني البشر
أنت منهم وأنا
آدم جد لنا
فلنقدس جدنا