وتعانق الأشجار في غاباتها، وجد في ذلك كله عوضًا وعزاء وسلوانًا مما كان له الأثر الكبير في تفجير مشاعره وشاعريته.

ثالثًا: يلجأ في مكة المكرمة إلى الحضن الدفيء للوالد الكبير راعي الأمة؛ حيث دار الأيتام؛ ليشعر بيد البشر الحنونة، ونظرة الإنسان الدافئة من حيث الرعاية والحفظ والتوجيه والبناء العاطفي والوجداني، فلما أحسَّ بأن اليد ليست يد أبيه الوالد، والنظرة ليس فيها دفء الأب الحقيقي، فرَّ من الدار وانفصل عنها، لكنه وجد نفسه في فراغ بلا يد، وبلا نظرة فاضطر عائدًا للمرة الثانية إلى الوالد الكبير، ونظرة الإنسان الرحيم إلى دار الأيتام؛ ليشق حياته في العلم والتعليم، ويفتح صدره لقدره المحتوم.

رابعًا: تدرجه في سلم التعليم، حتى وصل إلى قسم اللغة العربية في كلية الشريعة، ليخصب حقله اللغوي والأدبي من هذا الميدان التعليمي الثري بلغته وأدبه وفكره واتجاهاته؛ ليعينه على تنمية موهبته الشعرية، وصقلها وتهذيبها بعد أن تفجرت من ذي قبل.

خامسًا: بعد أن حدَّد اتجاهه في سلم التعليم، ومكَّن موهبته الشعرية من حقل اللغة والأدب، حفزه الأمن الذي كان منذ الصغر يبحث عنه ولا زال، فالتحق بكلية "الأمن الداخلي" ليؤمن حياته، ويشق شاعريته وهو في ظلال لقمة العيش الكريمة، وهي ترفرف عليه في عزم ورجولة، وتهمس في أذنيه، فيتردد صدى الهمس بين جوانحه وفي جنبات أحشائه، أصبحت رجلًا.. إنسانًا.. شاعرًا.. ضابطًا.. مكافحًا من أجل الإنسان والقيم الفاضلة والحياة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015