أحمد عسيري - نشأته وحياته:
الشاعر أحمد علي عسيري، من مواليد قرية "آل زيدي" في أبها، ولد عام "1366هـ"، وتوفي والده وهو في الرابعة من عمره، ودخل المدرسة "السعودية" بأبها عام "1374هـ"، ثم انتقل إلى "مكة المكرمة"، ودخل دار الأيتام عام "1375هـ"، وفصل منها، ثم عاد إليها، وظلَّ يتقلب في المدارس حتى وصل إلى قسم اللغة العربية في كلية الشريعة "بمكة المكرمة"، ثم تركها ودخل كلية "الأمن الداخلي" عام "1390هـ"، ثم تخرج برتبة ملازم ثاني، ويعمل الآن في شرطة "جدة"، له ديوان شعر مطبوع "في متاهات الحياة"، وله كتب تحت الطبع1.
ومن خلال تلك النشأة والحياة التي تعتصرها المرارة والألم في مرحلة هي أشد ما تكون إلى عطف الأم وحنان الوالد تمزقت حياة الشاعر، فكان شعره قطعة من العلقم الذي شعر به، وفاض به في قصائده، ليصور آلامه وآهاته، وأحزانه وتمزقه في إطار من القلق والحيرة والشكوى، وذهاب الأمل، والتيه في غياهب السراب والضباب.
كان من وراء هذا الاتجاه الأدبي عوامل لاذعة هي التي نزفت من نشأته وحياته من أهمها:
أولًا: في الرابعة من عمره فقَدَ والده، مصدر العطف والحب والولاء والطاعة، والتعاون والرعاية، وحفاز الآمال ومحقق الرجاء، وصدره المفتوح، وظهره الذي يحميه، ويدفع عنه، فقد كان ذلك في باكورة حياته وأخطر مرحلة يمر بها الطفل مرحلة يكون تسجيل الطفل لما حوله عن طريق إحساسه، ومشاعره، وعواطفه، صادقًا ودقيقًا وعميقًا؛ لأنه ما زال قريب عهد بالفطرة البريئة الصافية.
ثانيًا: والفطرة البريئة الصافية في تلك البداية المريرة تتطلع إلى الكون من حولها؛ لتجد عوضًا وتسلية وسلوانًا، فتتملي من آيات الجمال على صفحة الطبيعة الساحرة ما يشغلها، وتتجاوب معها، هي طبيعة أبها الأخاذة، وروعة الحياة في الجنوب، وجلال الكون من حولها، ووقار الجبال الراسيات فيها، ورقرقة المياه المنسابة والسارية في مجاليها، وابتسام الزهور لثغرها،