الباطن.. وشاعرنا الفاضل "يحيى الألمعي" لم يبرأ من علة السجع والجناس، فعنوان ديوانه بهذا العنوان "عبير من عسير" 1.
والحق أنَّ الشاعر لم يغلب عليه الاتجاه البديعي في شعره، لكنه مع نذره اليسير يؤخذ عليه التكلف فيه، وحمله على المعنى بلا داع ولا هدف يسمو بالشعر، يقول:
أيا خالدًا "لازالت في الناس خالدا" ... ولا زالت في أوج المفاخر صاعدًا
حليم حكيم زاده الله رفعة ... فكان كما البدر المضيء إذا بدا
وما خالد إلا خلود تخلدت ... أفاء عليه في الخافقين مسددًا
والتكلف البديعي ظاهر في قوله: "يا خالدًا وخالدا"، و "حليم وحكيم"، و "وما خالد إلا خلود تخلدت".
أما الضرورات الشعرية من أجل الوزن والقافية التي اضطرت الشاعر إلى اعتساف الخطأ في مواضع يؤاخذ عليها، ووضحت بعضها قبل ذلك، ونكتفي به هناك.
ثالثًا: معالم الجنوب في شعره
الشعر القوي هو ما يحمل إلينا الواقع الذي يعيشه الشاعر في بيئته، فالبيئة أصبحت جزءًا من الشعر، ومن عواطفه وأحاسيسه، لذلك كان يحيى وفيًّا لوطنه الصغير في الجنوب، لا ينسى جماله وسحره، ولا الذكريات التي تردد صداها في جنبات المواطن الكثيرة، يقول:
مناظر في ربانا ساحرات ... ستغدو مقصدًا للسائحينا
ترى في السودة الشما رياضًا ... وغابات تسر الناظرينا
وفي القرعاء مصطاف جميل ... ونزهة خاطر للصائفينا
وفي أبها البهية كل شيء ... جميل صالح للقادمينا
فالسودة والقرعاء والمحالة وأبها، كلها مناطق ساحرة في منطقة الجنوب، يتزاحم فيها المصطافون كل عام في الصيف لقضاء أجمل أوقات العمر وأحلاها من أبناء المملكة والخليج العربي وغيرهم.
وتظهر لهجة الجنوب وهي من خصائصه في كلمة "الضامئينا" فالمشهور في لغة القرآن الكريم "الظامئينا" بالظاء لا بالضاد، ومع ذلك فهي لهجة اشتهرت في جنوب المملكة العربية السعودية، ومثل قوله في قصيدته "ذكريات وتساؤلات" 2: