سل ربا أبها لتعطيك الخبر ... سل ذراها والفيافي والشجر

سل رياضًا في "عسير" إنها ... تمنح النفس سرورًا مستمر

في "رجال" في بني زيد" وفي ... "ألمع" قد طاب لي فيها السمر

عند وادي "العوص" في أقصى الذرى ... عندها الأشجار لا تبغي المطر

في "كسان" في "لصاف" و"البنا" ... في "حلى" ذقنا حلاوة السهر

في ذرى "قيس" وفي "الميل" الذي ... مال قلبي فيه أحلام الصغر

وما بين الأقواس مرابع ومنازل في "رجال ألمع" من تهامة عسير، عاشها الشاعر وذاق حلاوتها ومرارتها، وتجاوبت مشاعره معها، وخرجت شعرًا من معامل تجاربه الشعرية لتعطي صورة واضحة عن الجمال والسحر في مواطن الجنوب، في عسير، المنطقة الخضراء في المملكة العربية السعودية.

رابعًا: الوحدة الفنية في شعره

الوحدة الموضوعية في شعر يحيى الألمعي قد تحققت في شعره كله، فالقصيدة عنده تقوم على موضوع واحد، بلا تعدد في الأغراض والموضوعات.

والوحدة الموضوعية إذا ما تحققت في الشعر الوجداني تحققت الوحدة الفنية بالتأكيد، التي تقوم على التلاؤم بين التجربة والعاطفة والمعاني والخيال والمشاعر والخواطر، وبين الألفاظ والأساليب والصور والموسيقى، وبذلك يتحقق الصدق الفني في تجربة الشاعر الشعرية، وكل ما مضى من قصائد في شعر الوجدان ابتنى على الوحدة الفنية، ونذكر قصيدة أخرى أنشدها الشاعر في عام 1387هـ، وهو في الطريق من أبها إلى خميس مشيط1 يقول:

في المروج الخضر في الأرض الجميلة ... في رياض يانعات مستطيلة

وخرير الماء يسبو في الذرى ... ونسيم الصبح يعلو في المسيلة

وتصد الطيور وتشدو بالغنا ... فوق أشجار وأغصان جميلة

في ربا أبها التي ناجيتها ... ذكريات كلها كانت طويلة

كم شفيت النفس في أكامها ... وجرت فيها دموع مستغيلة

ونمت في الأرض آهاتنا ... دوحة الحب وأشجار خميلة

لست أدري ما الذي صيرنا ... نذرف الدمع ونحيى كل ليلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015