وقفات مع الشاعر:
أولًا: التصوير الأدبي
ديوان يحيى الألمعي يضم بين دفتيه ألوانًا متنوعة من التجارب الشعرية، منها التي لم تكن كاملة ناضجة بالقدر المطلوب في الشعر الجيد، مثل التجارب الشعرية التي كانت تحتاج إلى مراجعة من الشاعر، وذلك في كل الأغراض ما عدا شعر الوجدان.
ومنها التجارب الشعرية القوية التي أقامت الحجة الناصعة على أنه شاعر موهوب، يعد من شعراء مدرسة المحافظين المجددين في الجنوب، وهو شعر الوجدان، وقد فصلنا القول في ذلك عند الحديث عن خصائص هذا الغرض الأدبي، وما دامت التجربة الشعورية قوية فالصدق الفني قد تحقق فيها، الذي يسمو بالقصيدة إلى المستوى الجيد في الشعر، ويستبد بالعاطفة، ويحرك المشاعر والأحاسيس، لهذا كان التصوير الأدبي في هذا الغرض يسمو الشاعر إلى مصاف الشعراء المجيدين في طبقته الفنية، وإلى ما سبق من شواهد على ما نقول نتأمل قصيدته "مع الأطياف"1:
يسائلني المحبوب عما جرى ليا ... وهل كان إلا بلوتي وشقائيا
لقد جرح القلب الذي كان سالمًا ... ومزقه حبًّا بعيدًا ودانيا
وألقى بسهم ليته ما أصابني ... ولم يأت للقلب الذي كان نائيا
سهرت الليالي لا أرى فيه ساهرًا ... سوى طيف هذا اللد قد لاح رائيا
يداعبني حتى إذا ما رأيتني ... أداعبه انسلَّ مني ورائيا
يروح ويغدو شاردًا متهربًا ... ويأوي إلى كل من كان خصمًا معاديًا
فليتك يا متبول قدرت حالتي ... وأكرمتني بالوصل ما دمت راضيا
وليتك ترضيني ولو بزيارة ... لأرجع قلبي منك إن كنت نائيا
وإلا فدعني في عنائي ولهفتي ... لأبقى حزينًا طيلة العمر باكيا