الباب الأول: مدرسة المحافظين

الفصل الأول: التقليد

الفصل الأول: التقليد - خصائصه-شعراؤه

مدرسة التقليد المجرَّد من الموهبة الشعرية:

أصحابها هم الذين عكفوا على محاكاة الشعر الذي دار في فلك العصر، فقد ساد فيه الضعف الفكري والركود الأدبي، وضحالة الثقافة، وخمود العاطفة، وبلادة المشاعر والأحاسيس، وجمود الحياة، مما كان له آثاره الهابطة على الفكر والأدب، فاصطبغ الشعر بالتكلُّف والتصنُّع، واشتدَّ الغرام بألوان البديع الباهتة، وازدادت المبالغة في التصوير، حتى زاغ المعنى وضلَّ الهدف، وتكاثف الزخرف في الأسلوب وأثقال الزينة، فناء بحمل المعنى المراد، واختفت شخصية الشاعر الفنية، فتجرَّد الشعر من العاطفة الجياشة، والأحاسيس الرقيقة، والمشاعر الحية والخواطر الذاتية، وشرف المعنى، ونبل الهدف، وأصبح الأدب لا يثير العاطفة عند الآخرين، ولا يحرّك مشاعرهم، ولا يثير فكرهم ولا يربِّي أذواقهم، ولا يثير نخوة المنافسة بين المتطلعين إلى الأدب، مما أدَّى إلى فقر ساحة الأدب والشعر، وجدب المواهب، وانهيار الذوق الأدبي، وعزوب الأديب، وندرة الشاعر1.

هذه خصائص الجمود في الشعر، تسرَّبت سمومه القاتلة إلى شعر المقلِّدين من شعراء جنوب المملكة، الذين سلكوا هذا الاتجاه الجامد، ولا حيلة لهم في غير ذلك، ما دامت هي السلعة الرائجة في سوق العصر الراكد، ومن أشهر شعراء التقليد الذين خضعوا لنوبة التقليد، واتَّسم شعرهم بهذه الخصائص القاتمة الجامدة، من أهمهم:

سليمان بن سحمان، وابنه صالح بن سليمان:

نشأ سليمان في قرية "السقا" إحدى قرى أبها؛ حيث وُلِدَ فيها وعاش ما بين "1266-1349هـ"، وتتلمذ على والده الذي اشتهر بحفظ القرآن وتجويده، وحسن الخط، والإحاطة بالعلوم الشرعية والعربية، ثم سافر هو ووالده إلى الرياض؛ ليتردَّد على حلقات العلم، ويتتلمذ على يد كبار العلماء، ومن أشهر مؤلفاته: "الأسنة الحداد في الرد على علوي الحداد"، وكتاب "كشف غياهب الظلام عن أوهام جلاء الأوهام"، وكتاب "إرشاد الطالب إلى أسنى المطالب"، وغيرها، وله ديوان شعر "عقود الجواهر المنضدة الحسان" 2.

ومن نظمه العلمي التقليدي في تعليم الكتابة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015