أكتب ككتبي كما قد كنت أكتبه ... كتبًا ككتبي لهذا الكتب في الكتب

سطر بسطر كهذا السطر أسطره ... سطرًا سليمًا سويًّا تسم في الرتب

حرف بحرف على حرف كأحرفه ... واحذر من الحيف في حرف بلا سبب1

وهذا نظم -وليس بشعر- جامد جافّ يتعثَّر فيه اللسان، وحروف مكتظة تثاقلت بها الأفواه؛ لهيام الشاعر بحشد الحروف الواحدة، وتوارد المشتقات المتجانسة، وترادف الجناس المتضاعف أضعافًا مضاعفة، مما أدَّى إلى ركاكة النظم، واضطراب الأساليب، وضعف المعنى، وضحالة الفكرة، وجمود المشاعر، وخمود العاطفة، وذهاب ريح الشعر في سرق التقليد النافقة الخاسرة.

ويقول ابن سحمان أيضًا في قصيدة يشيد فيها بجلالة الملك عبد العزيز -رحمه الله تعالى:

هو الملك السامي إلى منتهى العلا ... وقد أمَّه في نيلها الطالع السعد

إمام الهدى عبد العزيز الذي به ... تضعضعت الأملاك واستعلن الرشد

تحمل -هداك الله- منِّي تحية ... هدية مشتاق أمض به الوجد

وأورى به من لاعج الشوق جذوة ... ولكنه قد عاقه النأي والبعد

وخامره من نشأة البشر نشوة ... وفي قلبه سكر من البشر ممتد

إلى الملك الشهم الهمام أخي الندى ... مذيق العدا كأس الردى عندما يعد

ومن أصله المجد المؤثل والعلا ... ومن جوده الجدوى لمن مسه الجهد2

فهذا الشعر خلوّ من العاطفة الجياشة، ومجرد من الإحساس الدافق والمشاعر الرقيقة؛ لأنه يقوم على رصف الألفاظ، ونظم ورص الكلمات في سلك البحر الخليلي، والقافية العمودية، هائما بالترادف بين "السامي ومنتهى، والعلا والطالع السعد، والنأي والبعد، وبين: أخي الندى ومن جوده"، والتقابل بين "تضعضعت الأملاك واستعلن الرشد"، وغير ذلك من أثقال اللفظ، وركاكة التعبير، واللعب بالزخرف.

وكذلك نجد فقدان العاطفة الجياشة في شعر ابنه صالح بن سليمان "1319هـ".

الآن فليفتخر في مصر واليها ... ولتفتخر هي بالنيل الذي فيها

واليخت والبحر والسكان أجمعهم ... بمن له الفخر لما حلَّ ناديها

عبد العزيز مليك الناس قاطبة ... برًّا وبحرًا وحضارًا وباديها

من آل فيصل أمجاد غطارفة ... شوس أماجد ما حيّ يحاكيها

يا أيها الملك الميمون طائره ... يا ناصرًا الملة السمحاء وحاميها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015