سبيل اللَّه، قال: فلم غللتها؟ قال: كنت محتاجًا، قال: خذها منه يا فضل، وقام آخر فقال: إن لى عندك يا نبي اللَّه ثلاثة دراهم، قال: أما إنا لا نكذب قائلًا ولا نستحلفه أعطه يا فضل، فقام رجل فقال يا رسول اللَّه: إنى لكذاب وإنى لفاحش وإنى لنؤوم فقال: اللهم ارزقه صدقًا، وأذهب عنه من النوم، ثم قام آخر فقال: إنى لكذاب، وإنى لمنافق وما شيء إلا قد جنيته، فقال عمر: فضحت نفسك، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، اللهم ارزقه صدقًا وإيمانًا وصيِّر أمره إلى خير، فقال عمر كلمة فضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال: عمر معى وأنا مع عمر، والحق بعدى مع عمر حيث كان".
قال على بن المدينى: هو عندى عطاء بن يسار، وأخاف أن يكون عطاء الخراسانى، لأنه يرسل عن ابن عباس، فقال الذهبى: بل أخاف أن يكون كذبًا مختلقًا.
قلت: هو كذب بلا خوف، وعطاء ليس هو ابن يسار ولا الخراسانى كما ظن ابن المدينى، بل هو عطاء بن أبي رباح، كما صرح به الترمذى في الشمائل، فإنه رواه من طريق محمد بن المبارك [ص 121، رقم 137]:
ثنا عطاء بن مسلم الخفاف ثنا جعفر بن برقان عن عطاء بن أبي رباح عن الفضل بن عباس دون ذكر عبد اللَّه بن عباس، قال: "دخلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مرضه الذي توفى فيه وعلى رأسه عصابة صفراء فسلمت عليه فقال: يا فضل، قلت: لبيك يا رسول اللَّه قال: اشدد بهذه العصابة رأسى ففعلت، قال: ثم قعد فرضع كفه على منكبى، ثم قام فدخل المسجد".
قال الترمذى: وفي هذا الحديث قصة.
ورواه ابن سعد في الطبقات من هذا الوجه عن كثير بن هشام عن جعفر بن برقان، قال [2/ 196]: