الثانية: كان الواجب على الشارح إذ حكم عليه بالقصور أو التقصير في عدم عزوه للحاكم وعزاه هو إليه أن يبين في أي كتاب خرجه الحاكم، فإن له كتبا كثيرة أشهرها: المستدرك والتاريخ، فإذا لم يعين الكتاب ولم يعرفه فكان الواجب عليه أن يسلك طريقة المصنف التي هي طريقة العلماء المحققين ويعزوه إلى الديلمي الذي رأى الحديث فيه محققا دون غيره، فلو طُولب بتعيين الكتاب لعجز عن ذلك، فكيف لا يستحي من إلصاق العيب بالأبرياء؟
الثالثة: أنه حكم على المصنف بالقصور أو التقصير رغبة منه في إطلاق هذه الألفاظ عليه دون أن يكون أدنى موجب لها، فالقصور يلمز به المصنف لو لم يطلع على ما اطلع عليه المناوي، والواقع أن المصدر واحد فالمصنف رأى الحديث في مسند الفردوس للديلمي مسندا من طريق الحاكم، والشارح كذلك رآه في الديلمي بعد أن أرشده المصنف إليه، فكيف يستدرك عليه بأمر سبقه إلى رؤيته وهو المرشد له إليه؟! لكن المصنف حافظ إمام محقق لم يقدر أن يعزو الحديث إلى كتاب لم يتحققه فاقتصر على ما رآه.
الرابعة: قوله: وفي الميزان ما محصله أن الخبر باطل، عبارة فيها تدليس وتلبيس، فإن قوله: ما محصله يقتضي أنه لخص ذلك من كلام طويل، والواقع أن الذهبي قال عن الحديث: خبر باطل، فأي لزوم لقول الشارح: ما محصله؟!.
الخامسة: قوله: ولعله لأن فيه سهل بن عمار فضول منه ودخول فيما ليس من شأنه، فالحديث ذكره الذهبي في الميزان في ترجمة أبي حكيم الأزدي واتهمه به، فقال ما نصه: أبو حكيم الأزدي عن عباد بن منصور بخبر باطل، تكلموا فيه، روى يزيد بن هارون: ثنا أبو حكيم الأزدي عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: "إن الأرض لتضج إلى ربها من الذين يلبسون الصوف رياء" تفرد به عبد اللَّه بن أحمد الحداد عنه اهـ.