من مطر، وإذا بجنازة أخرى مع نفر قد أقبلوا بها من ناحية باب الطاق، فنظروا، فإذا هي جنازة أبي هاشم الجبائي، فقال الناس: مات علم اللغة والكلام بموت ابن دريد والجبائي ودفنا جميعاً بالخيزرانية. وبالإسناد: حدثنا الخطيب قال: حدثني محمد بن علي الصوري، أخبرنا الحسن ابن أحمد بن نصر القاضي، حدثنا أبو العلاء أحمد بن عبد العزيز قال: كنت في جنازة أبي بكر بن دريد وفيها جَحْظَة فأنشدنا لنفسه:
فقدت بابن دريد كلَّ فائدة ... لما غدا ثالث الأحجار والتُّربِ
وكنت أبي لفقد الجود منفردا ... فصرت أبكي لفقد الجود والأدب
أديب، كاتب، شاعر متقدم القدم في البلاغة، وكان وقع إلى خراسان وقصد الجوزجان ومنها إلى بخارى، فلم ينجح بها مع طول مكثه بها، وحين انجذب إلى الصَّغانيان أكرمه ونعمه صاحبها، ثم استوزره وألقى إليه مقاليد أمره، فلم يزل وزيره حتى أنتقل إلى جوار ربه، وله كتاب " الدر " وكتاب " القلائد والفرائد "؛ وله فصول منثورة تجري مجرى الأمثال، جميلة في بابها، ومن شعره: بسيط مجزوء
قلت لمن لام لا تلمني ... كل امرعالم بشأنه
ما الذنب فيما علمت انّي ... سجدت للقِرد في زمانه
من شدة النفس أن تراها ... تحتمل الذل في أوانه