قال: قال ابن فورجة: أي: أن خاشيك حال به بأسك، واقع به سخطك وانتقامك فما يرجو تكذيبا لما يخافه لشدة خوفه، ولا راجيك يخشى أن يُخيبه لقطع عرفك.
قال: والصحيح في هذا البيت رواية من روى:
فما خاشِيكَ للتَّثرِيبِ رَاجٍ ... . . . . . .
أي: من خشيك لم يخف أن يُثرّب ويُعيّر بخشيتك؛ وراج بمعنى خائف.
قال: ومن روى للتكذيب لم يكن فيه مدح، لأن المدح في العفو لا في تحقيق الخشية، فإنما يُمدح بتحقيق الأمل وتكذيب الخوف كما قال السري: الطويل
إذا وَعَدَ السرَّاَء أنْجَزَ وَعْدَهُ ... وإنْ وَعَدَ الضَّرَّاَء فالعَفْوُ مَانِعُهْ
فيقال له: دعنا من تفسير ابن جني: راج بمعنى خائف، والتمحل لتصحيح المعنى إذ لم يصح على قوله برواية شاذة، واجعله من الطمع الذي أراده الشاعر واستدل على ذلك بقلب صدر البيت على عجزه، فانه بذلك المعنى يقول: خاشيك في الحرب وعند القتال لا يرجو التكذيب بأنك تقتله وانه ينجو منك، وكذلك راجيك لا يخشى أن يخيب من جودك وإنك تحرمه لأنه مستحيل لراجيك أن لا تبلغه ما يرجو، كما أن مستحيل لخاشيك في الحرب أن ينجو. وعلى هذا التفسير لا يرد عليه ما أورده من أن المدح في العفو لا تحقيق الخشية، ولم نحتج إلى أن نجعل موضع للتكذيب للتثريب، ونفسر راج بمعنى خائف فنلتزم ضعف معنى البيت أو ضعف صناعته.