وأقول: لم يرد انهم غير محجوبين عمن يقصدهم؛ فإن ذلك ليس فيه كبير فائدة، ولكنه قسّم الناس قسمين: وفود عليهم، وغير وفود، فجعلوا للوافدين إليهم مزيدا على غيرهم بأن بذلوا لهم أنفسهم، والذين لم يفدوا إليهم، جعلوا أموالهم تفد إلى بلادهم عليهم.
فالمعنى على هذا التقسيم والترتيب في غاية الكمال، وعلى ما قال في غاية النقص!
وقوله: الكامل
أحْبَبْتُ تَشْبِيهاً لها ... فَوَجَدْتُهُ ما لَيْسَ يُوجَدْ
قال: يقول: أردت أن أشبهها بشيء فوجدت تشبيهها معدوما. ويجوز أن يريد بالتشبيه المفعول، وهو المشبه به، فقال: أردت مشبها لها فكان مستحيل الوجود، فإن قيل: هذا يناقض ما قبله؛ لأنه ذكر التشبيه، قلنا: ذاك تشبيه جزئي لأنه ذكر خضرة النبات على حمرة التراب في التشبيه وأراد في هذا البيت تشبيه الجملة فلم يتعارضا.
وأقول: هذا تخليط من أخلاط في الدماغ! وإنما يقول: أحببت تشبيها لها بجنة
أخرى فأقول: كأن هذه الجنة جنة فلان فوجدت ذلك غير موجود. ولهذا قال في البيت