في هجومه عليه بشدة تلك الوثبة، وقوة الممدوح بشدة تلك الضربة، ولا يكون الالتقاء بالضرب إلا بعد الوثوب؛ ليجتمع بالمصادمة قوة الوثوب وقوة الضرب فيحصل التأثير باجتماعهما ما لا يحصل بالانفراد.
وقوله: الكامل
خَذَلَتْهُ قُوَّتُهُ وقد كافَحْتَهُ ... فاسْتَنْصَرَ التَّسْلِيمَ والتَّجدِيلا
قَبَضَتْ مَنِيَّتُهُ يَدَيْهِ وعُنْقَهُ ... فكأنَّما صَادَفْتَهُ مَغْلُولا
قال: أساء أبو الطيب في هذا حيث لم يجعل أثرا للممدوح، ولا غناء في قتل الأسد.
وقال: كأنما كان مغلول اليد والعنق بقبض المنية عليه.
فيقال له: وأي غناء أوفى من التقائه له بسوطه، وصكه به تلك الصكة التي لو لم تصادمه لجازه ميلا وهل يكون غناء أو قوة أو شجاعة أوفى من ذلك؟ وإنما قال:
قَبَضَتْ مَنِيَّتُهُ يديهِ وعُنْقَهُ ... . . . . . .
لما قال قبله: خذلته قوته خوفا منك وقد كافحته؛ أي قابلته وجها لوجه:
. . . . ... فاستَنْصَرَ التَّسْلِيمَ والتَّجْدِيلا
أي: رأى إن قتاله لك لا يُغني عنه ولا ينجي منك فرأى النصر عليك في التسليم لك، وذلك أن بدرا لم يقتله وإنما قتله عسكره وهذا مثل قوله: الطويل
أعَدُّوا رماحاً في خُضُوعٍ. . . . . . ... . . . . . .