وإذا رددت الكناية في (بها) إلى الليالي بطل ما قال لأن المعنى: أصدري بالليالي وحوادثها، وما تورده علي من مشقة الأسفار وقطع المفاوز، أوسع أم البيداء؟
وأقول: لا يبطل ما قال ابن جني برد الكناية إلى الليالي، وقوله أحسن من قولك! وبها لها في البيت معنى حسن.
يقول: من عادات الليالي أن توقع لناقتي الشك، أصدري أوسع أم البيداء؟ أي شيمتها الجور علي وإحواجي إلى السير الطويل في الفلاة الواسعة، فتشكك ناقتي:
أصدري أوسع بها، أي بسيرها وأعمالها، أم البيداء؟ وذلك إن الناقة يطول عليها السير، وتتسع بها الفلاة، ويتسع بأعمالها صدري، فتشك أيهما أوسع؟ وإنما ذلك مما تباشره وتعانيه من هذين الأمرين الشاقين، فهو أولى من غيره.
ويحتمل أن تكون بها بمعنى فيها، وهو راجع إلى الليالي، أي: لما تشاهده في الليالي من سعة الفلاة، وسعة صدري تشك أيهما أوسع.
وقوله: الكامل
وكذَا الكريمُ إذا أقامَ بِبَلْدَةٍ ... سَالَ النُّضَارُ بها وقَامَ المَاءُ
قال: معنى هذا البيت متصل بالذي قبله لأنه يقول: بياض الثلوج يعمي فقام مقام السواد والبياض، إذا عمل عمل السواد نقض العادة كذلك الكريم إذا أقام ببلدة نقض