وقوله: الخفيف
وله في جَمَاجِمِ المَالِ ضَرْبٌ ... وقعهُ في جَمَاجمِ الأبْطَالِ
قال: قال ابن جني: يهب المال فيقدر بذلك على رؤوس الأبطال، وهذا فاسد وكلام من لم يعرف المعنى. والرجل يوصف بضرب رؤوس الأعداء من حيث الشجاعة لا من حيث الجود والهبة؛ والمعنى إنه يُفرّق ماله بالعطاء، فإذا فني ماله أتى أعداءه فضرب جماجمهم وأغار على أموالهم كما يقال: هو مفيد متلاف، فوقع ضربه في رؤوس أمواله يكون في الحقيقة في رؤوس الأبطال، وهذا كقوله: الكامل
والسِّلْمُ تَكْسِرُ من جَنَاحَيْ مَالِهِ ... بنَوالِهِ ما تَجْبُرُ الهَيْجَاءُ
وأقول: قوله: جماجم المال؛ أراد اشرف العطاء وأعلاه وأسناه كالجماجم من الأعضاء، ولما ذكر جماجم الأبطال استعار للمال جماجم على وجه المقابلة كقول أبي تمام: الكامل
لا تَسْقِني مَاَء المَلامِ فإنَّني ... صَبٌّ قد اسْتَعْذَبْتُ مَاَء بُكَائي
يقول: لكثرة إعطائه نفيس الأموال، أوقع خوفا في صدور الأبطال فهي ترى كأن ضربه، أي تفريقه، لنفيس ماله في المكارم ضرب منها في الجماجم، فالذي ذكره ابن جني أقرب إلى المعنى، إلا إنه أساء فيه بسوء العبارة عنه، والذي ذكره الواحدي معنى