قال: يقول: عادته أن يعطي بغير سؤال، فان سبقت نغمة من سائل عطائه بلغ ذلك منه مبلغ الجراحات.
وأقول: كأن هذا رد لقول أبي تمام: الطويل
تكادُ عَطَاياهُ يُجَنُّ جُنُونُهَا ... إذا لم يُعَوِّذْهَا بنَغْمةِ طَالبِ
لأنه يقول: ينتظر بالعطايا السؤال فهي تنتفع به كانتفاع المجنون بالعوذ، وأبو الطيب يقول: إنه يستضر بالسؤال إذا سبق النوال فنغمات السائل عنده بمنزلة الجراحات.
وقوله: الخفيف
ذا السَّراجُ المُنِيرُ هذا النَّقِي الْ ... جَيْبِ هذا بَقِيَّةُ الأبدالِ
قال: نقي الجيب عبارة عن الطاهر من العيب؛ يعني أن ثوبه لم يشتمل منه على دنس
وأقول: إن الجيب بمنزلة الثوب عبارة عن القلب. يقال: فلان نقي الجيب وناصح الجيب، يعني به سلامة الباطن وصفاء السريرة كقول أبي نواس: البسيط
تَئِطُّ دونَ الرَّجالِ الأقربين به ... قُوىً رؤومٌ وجَيْبٌ طالمَا نَصَحَا