قال: جعله ربيعا وجعل عطاءه غيث ذلك الربيع، وجعل شكر الشاكرين زهرا يُضاحك الغيث، لأن الزهر إنما يتفتح ويحسن بعد مجيء الغيث كالشكر يكون بعد العطاء، ثم استعار لمعاليه رياضا ليجانس الألفاظ، وكأن هذا الزهر قد طلع من رياض معاليه؛ لأنه لولا كرمه وحبه للجود، ما أثنى عليه الشاكرون.

وأقول: أن تفسيره إلى قوله: يُضاحك الغيث حسن، وقوله بعد ذلك في تعليله: لأن الزهر إنما يتفتح. . . . . . إلى اخره، ضعيف إلا قوله: استعار لمعاليه رياضا ليجانس الألفاظ فإنه أيضا حسن لتكميل الاستعارة به. ولم يذكر معنى المضاحكة، وبها يحسن المعنى، وقد جعلها أبو الطيب بين الغيث، الذي هو الجود، وزهر الشكر فهما يتضاحكان؛ هذا بالبرق في حال الأمطار، وهذا بالتفتيح والإنارة في

حال الأزهار، فكلاهما يتقابلان في الحُسن ويزايدان. وقد جاء مثل هذا لأبي تمام في قوله: الطويل

إذا ضاحَكَ الرَّوْضُ الغَزَالةَ نُشِّرَتْ ... زرابيُّ في أكنَافِهَا ودَرَانِكُ

وكلاهما من قول البصير أبي البصير: البسيط

يضاحِكُ الشمسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ ... مُؤَزَّرٌ بِعَميمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ

وقوله: الخفيف

والجِراحَاتُ عنَدهُ نَغَماتٌ ... سَبَقَتْ قَبْلَ سَيْبهِ بِسُؤَالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015