وقوله: الوافر
وأمْوَاهٌ يَصِلُّ بها حَصَاهَا ... صَلِيلَ الحَلْي في أيْدِي الغَوَاني
قال: بها: أي بالأمواه، أي: يصل حصاها بجريها عليه، وفيه تشبيه خفي للأشجار بالغواني، والحصى بالحلي.
وأقول: هذا التشبيه للأشجار بالغواني من أين صار إليه، وليس في كلامه ما يدل عليه؟ وكأنه لمّا رأى التبريزي قال: إن في هذا البيت صفة الأمواه وحصاها، فجعل حصاها كالحلي وجعلها كالغانيات من النساء، وهذان تشبيهان في مشبهين جعل هو مكان تشبيه الأمواه بالغواني تشبيه الأشجار بالغواني من غير دلالة.
والذي عندي في هذا إنه شبه أصوات حصى هذه المياه بجريها في أنها تشوق القلوب وتستفزها كما يشوق القلوب الحلي في أيدي الغواني، ولا يحسن أن يكون الحلي هاهنا الأسورة وما أشبهها مما يجعل في اليد، فإن ذلك لا يوصف بالصليل والتصويت، ولكن الحلي هاهنا ما يكون في الأعناق من القلائد فهن يعبثن بأيديهن ويلعبن فيصوت فيشوق القلوب ويجذبها.
وقوله: الوافر
له عَلَّمْتُ نَفْسِي القَوْلَ فيهم ... كتَعْليمِ الطِّرادِ بلا سِنَانِ