فيقال له: ولم لا يشفق على العواذل وهن إنما يعذلن على وجه الشفقة والمحبة؟ أما في إتلاف المال كقوله: الطويل

وعَاذلةٍ هَبَّتْ عليَّ تَلُومُنِي ... كأنِّي إذا أتْلَفْتُ مالي أضِيمُهَا

أو على الغي في ارتكاب اللهو والباطل كقوله: الكامل

بكَرَ العوَاذِلُ في الصَّبُو ... حِ يَلُمْنَنِي وألُومُهُنَّهْ

فإن قال: العواذل لا يشفق عليهن لأجل عذلهن له على الهوى فيقال: لم يبلغ ذنبهن بالعذل إلى إحراقهن، ويكفي في ذلك، الإعراض عنهن واطراح قولهن.

وقوله: الكامل

أضْحَى فراقُكَ لي عَلَيْهِ عُقُوبةً ... لَيْسَ الذي قَاسَيْتُ منه هَيِّنَا

قال: الذي في (عليه) يرجع إلى ما فعلته مما أنت كارهه، والضمير في (منه) يرجع إلى الفراق.

وأقول: أن الضمير في (عليه) و (منه) راجع إلى الفراق؛ أي: عوقبت بفراقك على فراقك، لكوني لم أمض في صحبتك، فليس الذي قاسيت منه؛ أي من فراقك، هينا بل صعبا، فهذا ذنبه إليه ليس له ذنب سواه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015