وقوله: الخفيف
ولعَلِّي مُؤَمِّلٌ بَعْضَ ما أبْ ... لُغُ باللُّطْفِ من عَزيزٍ حَميدِ
قال: حمل بعض الناس هذا البيت على القلب الوارد في كلام العرب، وهو أن يذكر الشيء ويراد عكسه. ولكن إنما يجوز ذلك عندهم إذا أمن الإلباس، فإذا خيف اللبس لزم الأصل، وهاهنا يقع اللبس لأنه يجوز أن يريد: أن الذي أبلغه بلطف الله أمر عظيم فوق أملي.
وقد روي عن المتنبي إنه سئل عنه فقال: لم أقل الا:
ولعلِّي مُبَلَّغٌ بعض ما آ ... مُلُ. . . . . .
أي: أملي فوق ذلك.
وأقول: لا يحسن أن يكون إلا:
ولعَلِّي مُؤَمِّلٌ بَعْضَ ما أبْ ... لُغُ. . . . . .
وذلك أن قرنه بلطف الله العزيز الحميد؛ أي: بلطف الله وتيسيره أبلغ فوق ما آمل. ولا يحسن أن يقال: بلطف الله أمل فوق ما ابلغ أو ابلغ بعض ما آمل، هذا لا يقوله محصل، فالرواية عن أبي الطيب غير صحيحة، والبيت مستو غير مقلوب، والمقلوب فهم الرواي!