وقوله: المنسرح
أثَّرَ فيها وفي الحَديدِ وَمَا ... أثَّرَ في وَجْهِهِ مُهَنَّدُهَا
قال: ادعى التأثير في العرض مجازا شعريا. ويمكن أن يحمل على أن تأثيره في الضربة ردها عن إزهاق نفسه وفي الحديد تغليل السيف المضروب به. وقوله:
. . . . . . وما ... أثَّرَ في وَجْهِهِ مُهَنَّدُهَا
أي: لم تشنه بل حسنته بالفخر، فان العرب تفتخر بالضرب في الوجوه، وتسب بالضرب في الظهور.
وأقول: أن أبا الطيب بالغ في القول فعكس القضية، وذلك أن من عادة الحديد والضرب أن يؤثر في المضروب ويكسبه بتأثيره فيه، فخرا وشرفا فجعل أبو الطيب أن الممدوح أثر في السيف، وفي الضربة، وكسبها زينة وشرفا وجعل الجراح تحسدها في قوله: المنسرح
فاغْتَبَطَتْ إذْ رأتْ تزيُّنَهَا ... بمثلهِ والجراحُ تَحْسُدُهَا
وهذه طريقة له مشهورة في المبالغة، من ذلك قوله: الطويل
طِوالُ الرُّدَينياتِ يَقْصِفُها دَمِي ... وبِيضُ السُّرَيْجِيَّاتِ يَقْطَعُهَا لَحْمِي