وأقول: إن المدح، وإن كان للقناة مجازا، إلا إنه للفارس حقيقة، لأنها إنما فعلت ذلك به لكونها في يده، وهو الطاعن بها، فعلى قوله هذا: إذا قيل: السيف يدري إنه يضرب رقاب الأعداء في يد زيد، والفضل يدري إنه يكسب المحامد في صحبة عمرو، وأن لا يكون لزيد ولا لعمرو فضيلة! وهذا لا يقوله محصل، وإنما استعار الدراية هنا للقناة، لأنه جعلها بمنزلة من قد علم ذلك بطول الصحبة وجري العادة. وهذا من احسن الاستعارات والطف المجازات.
وقوله: البسيط
أمْضَى الفَريقين في أعْدائِهِ ظُبَةً ... والبِيضُ هَادِيةٌ والسُّمْرُ ضُلاَّلُ
قال: قوله والبيض هادية أي: يهتدى بها في ظلم النقع، لأن النهار قد استتر بالغبار. واستعار الضلال للرماح. وهو يحتمل إنها تغيبت في النقع، فهي كالضالة فيه. ويمكن أن يعني بقوله ضلال أي: إنها لا يطعن بها؛ لأن القوم قد دنا بعضهم من بعض، فهم يتضاربون بالسيوف، فكأن الرماح ضالة طريقها.
وأقول: إن قوله:
. . . . . . . . . ... والبِيضُ هاديةٌ والسُّمْرُ ضُلاَّلُ
حال من الضمير في قوله: أمضى؛ كأنه قال: الممدوح أمضى الفريقين ظبة في حال