وقوله: المنسرح
قُصِدْتَ من شَرْقِهَا ومَغْرِبِهَا ... حَتَّى اشْتَكَتْكَ الرِّكابُ والسُّبُلُ
قال: في هذا البيت مبالغتان؛ إحداهما يجوز أن يكون مثلها: وهو ادعاؤه أن الركاب تشتكي الممدوح من كثرة ما تركب إليه. فهذا يجوز مثله، لأنها إذا صارت انضاء، وأخذ منها السير فكأنها تشتكيه.
والأخرى: ادعاؤه أن السبل تشتكيه؛ أي: الطرق؛ وهذا ما لا يمكن أن يكون.
وأقول: يقال له: اشتكاء الإبل والطرق مجاز لا حقيقة، فلا يمكن أن يكون، وإذا جوزت ذلك في الإبل لكثرة ما تركب إليه وينضيها السير، فلم لا يجوز مثل ذلك في الطرق لكثرة ما تركب ويؤثر فيها السير؟ وكلاهما لا يعقل الاشتكاء فلا فرق بينهما إلا أن إحداهما فيها حياة، والأخرى لا حياة فيها.
وقوله: المنسرح
عُذْرُ المَلُوَمْينِ فيكَ أنهما ... آسٍ جَبَانٌ ومبضَعٌ بَطَلُ
قال: قد اعتذر للآسي؛ أي: الطبيب، وللمبضع، فذكر أن الآسي جبن لفرط الهيبة، وإن المبضع، لما عجز الطبيب عن تدبيره، كان كالبطل الشجاع. فوصل إلى